فكأن (?) الرجس على الوجهين (?):
أحدهما: أن يكون في معنى الرجز، وهو العذاب، والمعنى في قوله: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} أنهم يعذبون، كما قال: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} [الفتح: 6].
والآخر: أن يُعنى به النجس والقذر، ومن ذلك قوله: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145]، ويكون المعنى فيه أنه يحكم بأنهم رجس كما قال: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، أي: ليسوا من أهل الطهارة، فذموا على خروجهم منها، وإن لم تكن عليهم نجاسة من نحو البول والدم والخمر، والمعنى: إن الطهارة الثابتة للمسلمين هم خارجون عنها، ومباينون لها، وهذه الطهارة هي ما تثبت لهم من قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103]، وهي طهارة من جهة الحكم وإن لم تُزل شيئًا نجسًا عن (?) أبدانهم (?).
وقوله تعالى: {عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، قال ابن عباس: يريد لا يؤمنون (?)، والمعنى: لا يعقلون عن الله أمره ونهيه وما يدعوهم إليه، وقال أبو بكر: معناه: لا يعقلون القرآن ووصاة الأنبياء عن الله -جل وعز- عنادًا للحق، وهم يعقلون غيره، كما يقول القائل: فلان أصم (?) عن كلامي،