وقوله تعالى: {وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} قيل: الكتابة (?) يعني الخط، وقيل: أراد الكتب، فيكون الكتاب اسم الجنس ثم فصل بذكر التوراة والإنجيل، وأما الحكمة فالعلم بما في تلك الكتب (?).
وقوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} وقرأ نافع: (فتكون طائرًا) (?)، وأما الطير فواحده طائر، مثل: ضائن وضأن، وراكب وركب، والطائر كالصفة الغالبة.
ولو قال قائل: إن الطائر قد يكون جمعًا مثل الحامل والباقر والسامر كان ذلك قياسًا (?)، ويكون على هذا معنى القراءتين واحداً. ويقوي هذا الوجه ما حكاه أبو الحسن الأخفش: طائرة فيكون طائرة وطائر من باب شعيرة وشعير.
وأما قوله تعالى: {فَتَنْفُخُ فِيهَا} وفي آل عمران: {فَأَنْفُخُ فِيهِ} [آل عمران: 49]، والقول في ذلك أن الضمير في قوله: {فِيهَا} يعود إلى الهيئة وتجعلها مصدرًا في موضع المهيأ، كما يقع الخلق موضع المخلوق، وذلك لأن النفخ لا يكون في الهيئة، إنما يكون في المهيأ ذي الهيئة (?). ويجوز أن يعود إلى الطير؛ لأنها مؤنثة، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ} [الملك: 19]، وأما تذكير الضمير في آل عمران فقد مضى الكلام فيه مستقصى.