وقال أبو إسحاق: أي إنما يعملون ما يحتاجون إليه في معايشهم، وقد نبذوا أمر الآخرة وراء ظهورهم (?)، وهذا معنى قول الكلبي، وذكر الفراء القولين (?).
ثم عزّى نبيه -صلى الله عليه وسلم-، قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} أي أنه عالم بهم فهو يجازيهم بما يستحقون {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى}، قال ابن عباس: يريد قبل أن يخلق الخلائق (?). والمعنى أنه أعلم بالفريقين لأنه علمهما قبل خلقهما فلا يذهب عليه جزاؤهما.
ثم أكد هذا المعنى بقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} قال صاحب النظم: هذا فصل معترض.
قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا} متعلق بمعنى الآية وهو قوله: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} الآية. والمعنى أنه أعلم بهم فإذا كان أعلم بهم جازى كلاًّ بما يستحقه.
واللام في قوله: {لِيَجْزِيَ} لام العاقبة (?)، وهو أن علمه بالفريقين أدى إلى جزائهم باستحقاقهم.
31 - وقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إخبار عن قدرته وسعة ملكه؛ وهذا فيما يؤكد الجزاء, لأنه إنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء إذا كان كثير الملك واسع المقدرة، ثم أن هذه المعاني، وهي