ثم ابتدأ فقال: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} هذا معنى قول المفسرين في هذه الآية. وأما أصحاب المعاني فإنهم جعلوا الآية متصلة. قال الفراء: أي يكفيني أن يقوم الرجل منكم وحده أو هو وغيره، ثم تتفكروا هل جربتم على محمد كذبًا أو رأيتم به جنونًا، ففي ذلك ما يتيقنون به أنه بني (?).
وقال أبو إسحاق: المعنى: ثم تتفكروا فتعلموا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما هو بمجنون كما يقولون (?) (?). وعلى هذا الآية نظمها منفصل، ومعنى قوله. بواحدة، أي: بخصلة واحدة، وهو معنى قول الفراء: يكفيني أن يقوم الرجل منكم وحده أو هو وغيره.
وشرح ابن قتيبة الآية على هذا المعنى شرحًا شافيًا فقال: (تأويله أن المشركين قالوا: إن محمدًا مجنون وساحر وأشباه هذا، فقال الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: قل لهم: اعتبروا أمري بواحدة، وهي أن تنصحوا لأنفسكم ولا يميل بكم هوى عن الحق، فتقوموا لله وفي ذاته مقامًا يخلو فيه الرجل بصاحبه فيقول له: هلم فلنتصادق هل بهذا الرجل جنة قط أو جربنا عليه كذبًا؟ وهذا موضع قيامهم مثنى، ثم ينفرد كل واحد عن صاحبه فيتفكر وينظر ويعتبر (فهذا موضع فرادى، [فإن] (?) في ذلك ما دلهم على أنه نذير، وكل من يخبر في أمر قد) (?) اشتبه عليه [واستبهم] (?) أخرجه من الحيرة فيه: أن