هذا الذي ذكرنا قول المفسرين.
وقال أبو علي الفارسي في هذه الآية: ذُكر لموسى الخوفُ في مواضع من التنزيل؛ كقوله: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} [القصص: 21] و {لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] وقال: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} [الشعراء: 12] وقال: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا} [طه: 46] {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا} [طه: 45] {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه: 67] وقال {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77]. فلما أضاف -عليه السلام- الخوفَ في هذه المواضع إلى نفسه، أو نُزِّلَ منزلة من أضافه إلى نفسه، قيل له: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} فأُمر بالعزم على ما أُريد له مما أُمر به، وحُضَّ على الجدِّ فيه؛ لئلا يمنعه من ذلك الخوفُ والرهبةُ التي قد تغشاه في بعض الأحوال (?)، وأن لا يستشعر ذلك فيكون مانعًا له مما أمر بالمضي فيه. وليس يراد بضم الجناح هاهنا: الضم المُزيل للفُرْجة والخصاصة (?) بين الشيئين، كقول الشاعر:
اُشْدُدْ حيازيمَكَ للموت ... فإن الموتَ لاقيكَ (?)