فإذا اتقى الله بفعل ما أمر، وترك ما نهى فقد أتى مجميع وظيفة التكليف.
الحكم الثاني: يتعلق بحق المُكلَّفِ، وهو أنَّه إذا فعل سيئة أتبعها حسنة تمحوها، وتدفع عنه حكمها لقوله عزَّ وجلَّ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [سورة هود: 114] أي: عظة لمن اتعظ، فلا تعجَزَنَّ أيها الإنسان إذا أتيت بسيئة بقلبك أو لسانك أو جارحتك أن تتبعها حسنة من صلاة ركعتين، أو صدقة وإن قلَّت، أو ذكر الله عزَّ وجلَّ، ولو أن تقول: سبحان الله وبحمده فإنه أحبُّ الكلام إلى الله عز وجلَّ، والحمد لله تملأ الميزان. وفي الصحيح: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" فلا تعجزن عن إتباع السيئة نحو هذا الكلام المبارك يمحها إن شاء الله عزَّ وجلَّ.
ثم إن كانت السيئة صغيرة كفاها الحسنة اليسيرة، والذكر اليسير، وإن كانت كبيرة فأكثر مما يمحوها من ذلك.
الحكم الثالث: يتعلق بحقوق الناس وهو مخالقتهم، أي: معاشرتهم بخلق حسن، والخلق الحسن قيل: كفُّ الأذى وبذل الندى.
والأشبه تفسيره بأن يحب للناس ما يحب لنفسه، ويأتي إليهم ما يحب أن يؤتى إليه، ففي ذلك أعني معاشرتهم بخلق حسن اجتماع القلوب (أ)، وانتظام الأحوال، وكفُّ الشرِّ عنهم واكتفاء شرهم، وذلك جماع الخير وملاك الأمر