عن أبي ذر جندب بن جنادة، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اتق الله حيث ما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ حسن صحيح.
من عَرَفَ اللهَ فلم تُغْنِهِ ... مَعْرِفَةُ اللهِ فذاك الشَّقِي
ما يَصنَعُ العبد بِعِز الغِنَى ... فالعزُّ كل العِز للمُتَّقِي
جُندب وجُنَادة بضم الجيم، ومعاذ بضم الميم، وأبو ذر أصدق الناس لهجة وزهدًا، ومعاذ أعلم الأمة بالحلال والحرام.
وفي الحديث أحكام ثلاثة جامعة في بابها:
أحدها: يتعلق بحق الله عزَّ وجلَّ، وهو أن يتقيه حيث ما كان فإن الله عزَّ وجلَّ معه وناظر إليه ورقيب عليه حيث ما كان.
وتقوى الله عزَّ وجلَّ: امتثال مأموره واجتناب محظوره، وقيل: تقوى الله عزَّ وجلَّ: أن لا يراك حيث نهاك، ولا يفقدك حيث أمرك، ولهذا قال بعضهم لصاحبه: إذا أردت أن تعصي الله فاعصِه حيث لا يراك -ففيه غاية الاعتبار، وأي شيء يمنع الإنسان من رؤيته تعالى- أو أخرج من داره، أو كل غير رزقه.
وتقوى الله عزَّ وجلَّ يتضمن ما تضمنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" وما تضمنه حديث جبريل من الإسلام والإيمان والإحسان، لأن سائر أحكام التكليف لا تخرج عن الأمر والنهي،