قال رحمه الله تعالى: [واعلم -رحمك الله- أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب، إنما العالم من اتبع العلم والسنن، وإن كان قليل العلم والكتب، ومن خالف الكتاب والسنة فهو صاحب بدعة وإن كان كثير العلم والكتب].
يقصد بهذا أنه لا يشترط فيمن يكون على السنة أن يكون عالماً، لكن السنة لا تتبع إلا بعلم، وعلماء الأمة هم العلماء الراسخون، لكنه يقول: ليس هذا شرطاً في وصف الشخص بأنه على السنة، فالعامي المستمسك بالحق الذي يتبع الهدى هو من أهل السنة، ولو لم يكن صاحب رواية ولا صاحب كتب.
وكذلك العالم الراسخ في العلم الذي ينفع الله به ليس من شرط علمه أن يؤلف ويكتب، ولا من شرط علمه أن يكثر من الرواية، فإذاً السنة تحصل على ثلاثة أصناف: الصنف الأول: هم العلماء الراسخون، أئمة الهدى، هؤلاء تقوم بهم الحجة، وهم الأعلام الذي ترجع إليهم الأمة، وهم أهل الحل والعقد، وهم الذين يرسمون المنهج في كل زمان للأمة في علمها وعقيدتها ومناهجها ومصالحها العامة.
ثم الدرجة الثانية: من دونهم من طلاب العلم والدعاة والصالحين، ولا يلزم أن يكونوا من العلماء المتبحرين، فإنهم على السنة ما داموا على نهج أئمة الهدى قديماً وحديثاً.
فسائر طلاب العلم الذين يطلبون العلم هم أهل السنة ولو لم يكثروا الرواية ولو لم يؤلفوا.
ثم الدرجة الثالثة: العامة الذين يستقيمون على دين الله عز وجل فيقيمون الفرائض ويشهدون الجماعات، ويدينون للعلماء بالفضل والقدر والمرجعية، هؤلاء وإن كانوا عوام فهم من أهل السنة قطعاً.
وعامة أهل السنة -أي أكثرهم- من هذا الصنف، فلا يشترط في المستمسك بالسنة أن يكون عالماً، لكن يتبع مناهج العلماء ويرجع إليهم، ويجتمع معهم فيما اجتمعوا عليه.