قال رحمه الله تعالى: [واعلم أن الله فضل العباد بعضهم على بعض في الدين والدنيا عدلاً منه، لا يقال جار ولا حابى، فمن قال إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة، بل فضل الله المؤمنين على الكافرين، والطائع على العاصي، والمعصوم على المخذول عدل منه، هو فضله يعطي من يشاء ويمنع من يشاء].
هذه قاعدة متعلقة بالقدر، وهو أن الله عز وجل فضل بين العباد فيما يتعلق بالهداية والضلال، أو السعادة والشقاوة، فالله عز وجل يهدي من يشاء فضلاً منه، وأيضاً جعل الهداية متفاوتة بين عباده الصالحين.
وكذلك الله عز وجل قدر على من يشاء الضلال، والضلال أيضاً متفاوت، وكما فاوت بين العباد في مسألة الهداية والإضلال ومسألة السعادة والشقاوة فاوت بينهم في الرزق في الدنيا وفي حظوظ الدنيا من الأعمار والصحة والمال والجاه وغير ذلك من مكاسب الدنيا، فإن الله عز وجل فاوت بين العباد لحكمة يعلمها سبحانه، ولا يسأل الله عز وجل عن ذلك، والعباد عباده يفعل فيهم ما يشاء؛ لكن ينبغي أن نعود في مسألة الإضلال والهداية والشقاء والسعادة إلى القاعدة الأخرى ونربطها بهذه القاعدة ليصفو التصور، وهو أن الله عز وجل حينما قدر على بعض العباد الهداية فذلك لسابق علمه أنهم سيعملون بعمل أهل الهداية، وحينما قدر على الآخرين الضلال والشقاوة فذلك لسابق علمه سبحانه بأنهم سيختارون طريق الضلال والشقاوة.