وقوله: (فمن قال إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء فهو صاحب بدعة) بمعنى أن الله عز وجل حينما تفضل على المؤمنين فلا يعني ذلك أن فضله ونعمته على الكفار غير موجودة، فإن لله نعماً على جميع العباد، فقد أنعم على الكفار بالخلق كما أنعم على المؤمنين، وأنعم على الكفار بأن مكنهم في هذه الدنيا وأعطاهم عقولاً وأرسل إليهم رسلاً لكنهم تنكبوا طريق الرسل، وأنعم الله عليهم بأن زين لهم طريق الخير وأرشدهم إليه وأمرهم به ووعدهم عليه، وبين لهم طريق الشر وحذرهم منه وتوعدهم عليه، ففضل الله عز وجل على العباد جميعاً، لكن هناك من الفضل ما يخص الله به بعض العباد لعلمه سبحانه أنهم يستحقون هذا الفضل، وحجب هذا الفضل -فضل الهداية- عن آخرين لعلمه سبحانه أنهم لا يستحقون الهداية.
فلذلك قال: (من قال إن فضل الله على المؤمن والكافر سواء) يعني في مسألة الهداية ومسألة التوفيق، فلا شك أن ليس فضل الله على هؤلاء سواء، لكن من قال إن فضل الله على المؤمن والكافر في الرعاية والحفظ وإقامة الحجة فلا شك أن فضل الله على العباد من هذا الوجه سواء؛ لكن من حيث الهداية والتوفيق فليس الفضل سواء، فإن الله عز وجل خص برحمته من قدر لهم ذلك من عباده.