أقول: باب الرواية أوسع، ولذا يقبل فيها الواحد، الرواية، وتقبل فيها المرأة، تقبل رواية المرأة، ولو لم يشركها أحد، تقبل رواية العبد ولا تقبل شهادته، تقبل رواية المرأة ولا تقبل شهادتها منفردة، فباب الرواية أوسع، والصحيح قبول الشهادة أيضاً؛ لأنه تاب وسبب رد شهادته الفسق قد ارتفع بالتوبة، ووجد من يشغب ويشوش على الناس في الأحاديث الصحيحة التي جاءت من طريق أبي بكرة، ولا يهمهم جميع ما يرويه أبو بكرة سوى حديثٍ واحد: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) لا يهمهم من أحاديث أبي بكرة إلا هذا الحديث، ويقولون: هذا مجلود بحد فلا تقبل شهادته، ولا تقبل روايته، ويقول هذا الكلام من لا يمت إلى العلم الشرعي من قبيل ولا دبير ولا علاقة له به، لكن وجد هذه الفرصة يدلي بها ينصر بها حزبه وأقوامه، والله المستعان، فشهادته مقبولة، وروايته من باب أولى، ولا كلام لأحدٍ في مثل هذا.
الخامسة والعشرون: قال القشيري: ولا خلاف أنه إذا لم يجلد القاذف بأن مات المقذوف قبل أن يطالب القاذف بالحد، أو لم يرفع إلى السلطان، أو عفا المقذوف فالشهادة مقبولة؛ لأن عند الخصم في المسألة النهيَ عن قبول الشهادة معطوف على الجلد، قال الله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] وعند هذا قال الشافعي: هو قبل أن يحد شر منه حين حدّ؛ لأن الحدود كفارات فكيف تُردُّ شهادته في أحسن حاليه دون أخسهما؟.
قلت: هكذا قال ولا خلاف، وقد تقدم عن ابن الماجشون أنه بنفس القذف ترد شهادته، وهو قول الليث والأوزاعي والشافعي: ترد شهادته، وإن لم يحد؛ لأنه بالقذف يفسق، لأنه من الكبائر، فلا تقبل شهادته حتى تصح براءته بإقرار المقذوف له بالزنا، أو بقيام البينة عليه.