وهو قول ابن جرير، ويروى عن الشعبي أنه قال: الاستثناء من الأحكام الثلاثة إذا تاب، وظهرت توبته لم يحد وقبلت شهادته، وزال عنه التفسيق، لأنه قد صار ممن يرضى من الشهداء، وقد قال الله -عز وجل-: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ} [(82) سورة طه] الآية ..
إكذابه نفسه وتوبته هل توبته مما يوجب الحد عليه أو مما يوجب الحد على غيره؟ هل توبته المطالب بها مما يوجب الحد عليه أو مما يوجب الحد على غيره؟ هو حدّ وجلد، فهل قبول التوبة وعلامة التوبة أن يكذب نفسه مما حدّ بسببه، وأنه شهد شهادةً ناقصة بحيث لم يتم نصابها، أو لأنه قذف شخصاً محصناً؟
طالب: فيه خلاف.
نعم، نعود إلى المسألة السابقة، وهو أنه كان مجرد قذف لا يستند إلى واقع، وأنه تعجل في القذف ولم يتحقق من حقيقة ما يوجب الحد هذا لا بد أن يكذب نفسه، وأما إذا كان قد رأى ذلك حقيقةً فهو يتوب مما حدّ بسببه، وهو عدم تمام النصاب.
الثانية والعشرون: اختلف علماؤنا -رحمهم الله تعالى- متى تسقط شهادة القاذف؟ فقال ابن الماجشون: بنفس قذفه، وقال ابن القاسم وأشهب وسحنون: لا تسقط حتى يجلد فإن منع من جلده مانع عفوٍ أو غيره لم ترد شهادته، وقال الشيخ أبو الحسن اللخمي: شهادته في مدة الأجل موقوفة، ورجح القول بأن التوبة، إنما تكون بالتكذيب في القذف، وإلا فأي رجوع لعدلٍ إن قذف وحد وبقي على عدالته.
الثالثة والعشرون: واختلفوا أيضاً على القول بجواز شهادته بعد التوبة في أي شيء تجوز؟ فقال مالك -رحمه الله تعالى-: تجوز في كل شيء مطلقاً، وكذلك كل من حدّ في شيء من الأشياء ..
يعني ما لم يمنع مانع آخر، ما لم يمنع من قبول شهادته مانع آخر.