الثالثة: روي أن رجلاً زنى بامرأة في زمن أبي بكر -رضي الله عنه- فجلدهما مائة جلدة ثم زوج أحدهما من الآخر مكانه ونفاهما سنة، وروي مثل ذلك عن عمر وابن مسعود وجابر -رضي الله عنهم-، وقال ابن عباس: أوله سفاح وآخره نكاح، ومثل ذلك مثل رجل سرق من حائطٍ ثمره ثم أتى صاحب البستان فاشترى منه ثمره فما سرق حرام، وما اشترى حلال، وبهذا أخذ الشافعي وأبو حنيفة، ورأوا أن الماء لا حرمة له، وروي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: إذا زنى الرجل بالمرأة ثم نكحها بعد ذلك فهما زانيان أبداً ..
لا شك أن الاستبراء أمر لا بد منه، لأن الولد لو ثبت ليس له، من الزنا، الولد ليس له، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ليس له، هذا هو الحكم الشرعي، وعليه فلا بد أن يستبرئها.
وبهذا أخذ مالك -رضي الله عنه- فرأى أنه لا ينكحها حتى يستبرئها من مائه الفاسد، لأن النكاح له حرمة، ومن حرمته ألا يصب على ماء السفاح فيختلط الحرام بالحلال، ويمتزج ماء المهانة بماء العزة.
الرابعة: قال ابن خويز منداد: من كان معروفاً بالزنا أو بغيره من الفسوق معلناً به فتزوج إلى أهل بيت سترٍ وغرهم من نفسه، فلهم الخيار في البقاء معه أو فراقه، وذلك كعيب من العيوب، واحتج بقوله -عليه السلام-: ((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله)) قال ابن خويز منداد: وإنما ذكر المجلود لاشتهاره بالفسق وهو الذي يجب أن يفرق بينه وبين غيره، فأما من لم يشتهر بالفسق فلا ..
وعلى هذا لو تزوج الرجل امرأةً قارفت الفاحشة ثم تبيّن له ذلك بعد الدخول فهو بالخيار.
الخامسة: قال قوم من المتقدمين: الآية محكمة غير منسوخة وعند هؤلاء: من زنى فسد النكاح بينه وبين زوجته، وإذا زنت الزوجة فسد النكاح بينها وبين زوجها، وقال قوم من هؤلاء: لا ينفسخ النكاح بذلك ولكن يؤمر الرجل بطلاقها إذا زنت ولو أمسكها، أثم ولا يجوز التزوج بالزانية ولا من الزاني، بل لو ظهرت التوبة فحينئذٍ يجوز النكاح.
السادسة: وحرم ذلك على المؤمنين، أي نكاح أولئك البغايا فيزعم بعض أهل التأويل أن نكاح أولئك البغايا حرمه الله تعالى على أمة محمد -عليه السلام- ومن أشهرهن: عناق.
التي تقدم ذكرها في سبب النزول.