وقرأ ابن محيصن: {بل آدرك} على الاستفهام، وقرأ ابن عباس: {بلى} بإثبات الياء، و {أدارك} بهمزة قطع والدال مشددة وألف بعدها، قال النحاس: وإسناده إسناد صحيح هو من حديث شعبة يرفعه إلى ابن عباس، وزعم هارون القارئ أن قراءة أُبي {بل تدارك علمهم} وحكى الثعلبي أنها في حرف أُبي {أم تدارك}، والعرب تضع بل موضع "أم" و "أم" موضع بل إذا كان في أول الكلام استفهام كقول الشاعر:

فوالله لا دري أسلمى تقولت ... أم القول أم كل إلي حبيب

أي بل كل.

قال النحاس: القراءة الأولى والأخيرة معناهما واحد؛ لأن أصل {أدارك} تدارك، أدغمت الدال في التاء وجيء بألف الوصل، وفي معناه قولان: أحدهما أن المعنى.

لأنه إذا أدغم الحرفان فصارا حرفاً واحد مشدد، حرفٌ مشدد عبارة عن حرفين أولهما ساكن، ولا يمكن الابتداء بالساكن، فيتوصل إلى الابتداء به بمتحرك، فتتحد القراءتان.

وفي معناه قولان، أحدهما أن المعنى: بل تكامل علمهم في الآخرة؛ لأنهم رأوا كل ما يوعدوا به معاينة فتكامل علمهم به، والقول الآخر أن المعنى: بل تتابع علمهم اليوم في الآخرة، فقالوا: تكون، وقالوا: لا تكون، والقراءة الثانية فيها أيضاً قولان:

التدارك من الإدراك، ومعناه على التتابع واحد؛ لأن من يتبع غيره قد يدركه، فتدارك أو ادارك علمهم في الآخرة يعني تتدارك وتتابع علمهم في الآخرة، فعاينوا ما كانوا يشكون فيه، فبعد أن كان خبراً قابلاً للشك على حد زعمهم، لعدم إيمانهم، صار يقيناً، وصار عين اليقين، وحينئذ يتتابع علمهم عليه، ويتواطئون عليه، ولا يمكن أحدٌ منهم أن ينكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015