يمنع بعض العلماء التغريب ويقول: إن فيه ضياع للمرأة والرجل الذي يزني، فإذا أفسد في بلده وهو معروف فيه، ويستحي من أهله وأقاربه، فكيف يصنع إذا غرّب؟ وأيضاً التغريب جاء بالسنة ولم يثبت بالقرآن، وعندهم الزيادة على النص نسخ، والسنة لا تنسخ القرآن، وهذا قول الحنفية، لكن ما دام ثبت الخبر الصحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحد، وأما ما أبدوه من فساد الزاني أو إفساده بعد تغريبه فعلى الإمام أن يحتاط لأمره، وينظر في أمره، ويحيل بينه وبين ما يريد.
وأما المملوكات فالواجب خمسون جلدة، لقوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] وهذا في الأمة، ثم العبد في معناها ..
العبد مقيس على الأمة، الأمة عليها نصف ما على المحصنات من العذاب، والعبد أيضاً عليه نصف ما على الأحرار من الرجال من العذاب، وأبو ثور يقول: لو قيل برجم العبد لقلت به؛ لأن النص ورد في الإماء ولا يرد في الذكور، لأن النص ورد في الإماء فقط ما ورد في الذكور {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وأما الذكور من العبيد ما ورد فيهم شيء، إلا القياس على الأمة، لكن عامة على أهل العلم على التنصيف في الجنسين في الرجال والنساء.
وأما المحصن من الأحرار فعليه الرجم دون الجلد، ومن العلماء من يقول: يجلد مائة، ثم يرجم، وقد مضى هذا كله ممهداً في النساء، فأغنى عن إعادته، والحمد لله ..
في حديث عبادة بن الصامت: ((والثيب بالثيب جلد مائةٍ والرجم)) وهو حجة لمن يقول بالجلد والمعروف عند الحنابلة وجمع من أهل العلم؛ لكن كأن الجمهور على عدم الجلد، لأن الوقائع الخمس التي حصلت في عصره -عليه الصلاة والسلام- لم يتطرق فيها للجلد، في حديث ماعز: ((اذهبوا به فارجموه)) في حديث: ((واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) ولم يذكر فيه الجلد، والجلد ثابت بالنص الصحيح الصريح وثبوته في خبر يغني عن إعادته في كل خبر، ثبت في خبر ملزم وحديث عبادة لا غبار عليه، وهو في الصحيح، وفيه النص على أنه يجلد مائة، وما المانع من أن يجلد مائة ثم يرجم؟.