قوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} [(204) سورة الشعراء] قال مقاتل: قال المشركون للنبي -صلى الله عليه وسلم-: يا محمد إلى متى تعدنا بالعذاب ولا تأتي به؟ فنزلت: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} [(204 - 205) سورة الشعراء] يعني في الدنيا، والمراد: أهل مكة في قول الضحاك وغيره {ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ} [(206) سورة الشعراء] من العذاب والهلاك، {مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [(207) سورة الشعراء] (ما) الأولى استفهام معناه: التقرير، وهو في موضع نصب بـ (أغنى)، و (ما) الثانية في موضع رفع، ويجوز أن تكون الثانية نفياً لا موضع لها، وقيل: (ما) الأولى حرف نفي، و (ما) الثانية في موضع رفع بـ (أغنى) والهاء العائدة محذوفة، والتقدير: (ما أغنى عنهم الزمان الذي كانوا يمتعونه)، وعن الزهري: إن عمر بن عبد العزيز كان إذا أصبح أمسك بلحيته ثم قرأ: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [(205 - 207) سورة الشعراء] ثم يبكي ويقول:
يعني هذا عمر بن عبد العزيز عمره يوم وفاته كم؟ أربعين سنة عمره، ولد سنة 61 ومات سنة 101 يعني عمره أربعون سنة، يعني فما أحرى من تعدى هذه السن أن يقول مثل هذا: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} [(205) سورة الشعراء] أربعين سنة، عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، لكنه القلب الحي، وإلا قد يمتع الإنسان مائة سنة أو أكثر ولا يستحضر مثل هذا الكلام.
ثم يبكي ويقول:
نهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نومٌ والردى لك لازمُ
فلا أنت في الأيقاظ يقظان حازم ... ولا أنت في النوام ناجٍ فسالمُ
تسرُّ بما يفنى وتفرح بالمنى ... كما سُرَّ باللذات في النوم حالمُ
وتسعى إلى ما سوف تكره غبَّه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائمُ
قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ} [(208) سورة الشعراء] (مِن): صلة، المعنى: وما أهلكنا قرية، {إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ} أي رسل.