{إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [(187 - 188) سورة الشعراء] تهديد، أي: إنما علي التبليغ وليس العذاب الذي سألتم إلي وهو يجازيكم، {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [(189) سورة الشعراء] قال ابن عباس: أصابهم حر شديد فأرسل الله سبحانه سحابة، فهربوا إليها ليستظلوا بها فلما صاروا تحتها صيح بهم فهلكوا، وقيل: أقامها الله فوق رؤوسهم وألهبها حراً حتى ماتوا من الرمد، وكان من أعظم يومٍ في الدنيا عذاباً، وقيل: بعث الله عليهم سموماً فخرجوا إلى الأيكة يستظلون بها فأضرمها الله عليهم ناراً فاحترقوا، وعن ابن عباس أيضاً وغيرِه: إن الله تعالى فتح عليهم باباً من أبواب جهنم، وأرسل عليهم هدةً وحراً شديداً فأخذ بأنفاسهم فدخلوا بيوتهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء، فأنضجهم الحر فخرجوا هرباً إلى البرية، فبعث الله -عز وجل- سحابة فأظلتهم فوجدوا لها برداً وروحاً وريحاً طيبة، فنادى بعضهم بعضاً فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله تعالى عليهم ناراً، ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد في المِقلى فصاروا رماداً فذلك قوله: {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} [(95) سورة هود].
وقوله: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [(189) سورة الشعراء] وقيل: إن الله تعالى حبس عنهم الريح سبعة أيام، وسلط عليهم الحر حتى أخذ بأنفاسهم، ولم ينفعهم ظل ولا ماء، فكانوا يدخلون الأسراب ليتبردوا فيها، فيجدوها أشد حراً من الظاهر، فهربوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وهي الظلة، فوجدوا لها برداً ونسيماً فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا.