قال الترمذي لما ذكر حديث مالك: وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي وأحمد وإسحاق لم يروا بسؤر الهرة بأساً، وهذا أحسن شيء في الباب، وقد جوَّد مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ولم يأتِ به أحد أتمَّ من مالك، قال الحافظ أبو عمر: الحجة عند التنازع والاختلاف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد صح من حديث أبي قتادة أنه أصغى لها الإناء حتى شربت ... الحديث، وعليه اعتماد الفقهاء في كل مصر إلا أبا حنيفة ومن قال بقوله فإنه كان يكره سؤره، وقال: إن توضأ به أحد أجزأه، ولا أعلم حجةً لمن كره الوضوء بسؤر الهرة أحسن من أنه لم يبلغه حديث أبي قتادة وبلغه حديث أبي هريرة في الكلب فقاس الهر عليه، وقد فرقت السنة بينهما في باب التعبد في غسل الإناء، ومن حجته السنة خاصمته، وما خلفها مطرح، وبالله التوفيق.

لعل المراد خصمته، يعني غلبته.

ومن حجتهم أيضاً ما رواه قرة بن خالد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين)) شك قرَّة، وهذا الحديث لم يرفعه إلا قرة بن خالد وقرة ثقة ثبت. قلت: هذا الحديث أخرجه الدارقطني ومتنه: ((طهور الإناء إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات، الأولى بالتراب، والهر مرةً أو مرتين)) قرّة شك، قال أبو بكر: كذا رواه أبو عاصم مرفوعاً، ورواه غيره عن قرة ولوغ الكلب مرفوعاً، وولوغ الهر موقوفاً. وروى أبو صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب)) قال الدارقطني: لا يثبت هذا مرفوعاً، والمحفوظ من قول أبي هريرة واختلف عنه. وذكر معمر وابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يجعل الهر مثل الكلب، وعن مجاهد أنه قال في الإناء يلغ فيه السنور قال: اغسله سبع مرات، قاله الدارقطني.

المعول في هذا حديث أبي قتادة وأن سؤره طاهر، وهو أصحّ ما ورد في الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015