لأن معنى {بَعَثَ} أرسل، ويكون معنى رسولاً: رسالةً، هل الذي يبعث ويرسل هو الرسول أو الرسالة؟ الذي يرسل الرسول ويحمل معه الرسالة.

{إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا} [(42) سورة الفرقان] أي قالوا: قد كاد أن يصرفنا، {عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [(42) سورة الفرقان] أي حبسنا أنفسنا على عبادتها، قال الله تعالى: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} يريد من أضل ديناً، أهم أم محمد؟ وقد رأوه في يوم بدر.

قوله تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [(43) سورة الفرقان] عجَّب نبيه -صلى الله عليه وسلم- من إضمارهم على الشرك، وإصرارهم عليه مع إقرارهم بأنه خالقهم ورازقهم، ثم يعمد إلى حجرٍ يعبده من غير حجة، قال الكلبي وغيره: كانت العرب إذا هوي الرجل منهم شيئاً عبده من دون الله، فإذا رأى أحسن منه ترك الأول وعبد الأحسن، فعلى هذا يعني: أرأيت من اتخذ إلهه بهواه، فحذف الجار، وقال ابن عباس: الهوى إله يعبد من دون الله، ثم تلا هذه الآية.

يعني اتخذه إلهاً يعبده من دون الله، والهوى قد يتمثل بمحسوس إذا دفع الهوى عبادة هذا المحسوس، وقد يبقى معنوياً ويعبد من دون الله -جل وعلا- إذا قدم الهوى على ما يأمر الله به -جل وعلا- وعلى مخالفة ما ينهى عنه -عز وجل-، هذه هي العبادة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عدي بن حاتم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ} [(31) سورة التوبة] قال: لسنا نعبدهم، قال: ((أليس يحرمون الحلال فتحرمونه، ويحلون الحرام فتحلونه؟ )) قال: بلى، قال: ((فتلك عبادتهم)) يعني تقديمهم على أمر الله -جل وعلا- لا شك أن هذا هو معنى العبادة.

قال الشاعر:

لعمر أبيها لو تبدت للناسك ... قد اعتزل الدنيا بإحدى المناسك

لصلى لها قبل الصلاة لربه ... ولأرتد في الدنيا بأعمال فاتك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015