فأما القول الأول فمخلط؛ لأن التقديس إنما هو من الطهارة وليس من ذا في شيء، قال الثعلبي: ويقال تبارك الله، ولا يقال متبارك ولا مبارك؛ لأنه يُنتهى في أسمائه وصفاته إلى حيث ورد التوقيف، وقال الطرماح:
تباركت لا معط لشيءٍ منعته ... وليس لما أعطيت يا رب مانعُ
وقال آخر: تباركت ما تقدر يقع ولك الشكر.
قلت: قد ذكر بعض العلماء في أسمائه الحسنة (المبارك) وذكرناه أيضاً في كتابنا، فإن كان وقع اتفاق على أنه لا يقال فيسلم للإجماع، وإن كان وقع فيه اختلاف فكثير من الأسماء اختلف في عده كالدهر وغيره، وقد نبهنا على ذلك هنالك، والحمد لله.
أخذوا هذا الاسم من الفعل (تبارك) الذي مقتضاه الإخبار، علماً بأن دائرة الأسماء أضيق من دائرة الأوصاف فضلاً عن الإخبار، فالاسم يؤخذ منه صفة ولا عكس، والإخبار أوسع لا يؤخذ منه صفة ولا اسم، هذا الإخبار، فكونهم يأخذون المبارِك أو المبارَك من قوله -جل وعلا-: {تَبَارَكَ} هذا ليس جارياً على القواعد المعروفة عند أهل السنة، فيبقى الاسم توقيفي فإن جاء به نص ملزم قيل به وإلا فلا، و {تَبَارَكَ} بهذه الصيغة تفاعل لا يطلق إلا على الله -جل وعلا-، لا يجوز إطلاقه على أحد، وإن كان يقال: فلان مبارك، وفلان رجل فيه بركة هذا لا إشكال فيه، لكن الإشكال في هذه الصيغة {تَبَارَكَ} لا تطلع إلى على الله -جل وعلا-؛ لأنه بلغ الغاية في هذا الشأن.
طالب: يقال: هذا الحلال عندي تبارك، وهذه الغنم تباركت يريد كثرتها؟
يعني إذا ظهرت فيه البركة بالكثرة أو النفع لا مانع -إن شاء الله-.
طالب: أو هذا المال تبارك؟
لا، تبارك لا.
طالب: المال؟
ولو كان، يعني حصل فيه بركة، أما تبارك لا.
طالب: الزيارة، تبارك المحل بدخولك، تبارك دخولك؟.
لا، يعني كونكم حضرتم حصلت البركة لا مانع -إن شاء الله تعالى-، لكن البركة تحصل بأدنى شيء، يعني لو لم يكن من بركة هذا الحاضر مثلاً إلا حصول الأجر المترتب على الزيارة، وحصول الأجر للمزور المرتب على الضيافة وهكذا، لكن التبارك الذي هو بلغ الغاية في هذا الأمر هذا خاص بالله -جل وعلا-.
طالب: هل يمكن أن نقول: تبارك البيت بقدومكم؟ هل ينكر على هذا القول؟