قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} خلقاً وملكاً، {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} فهو يجازيكم به، و {يَعْلَمُ} هنا بمعنى علم.
لأن دخول قد على المضارع الغالب فيه التقليل، قد يعلم، وهنا المراد بها التحقيق، فكأن المضارع هنا بمنزلة الماضي، إذا قيل: قد جاء زيد، يعني محقق، وإذا قيل: قد يجيء زيد، فهذا للتقليل، يعني ليغلب على الظن أنه ما يجيء، فهنا قالوا: إن يعلم بمنزلة التحقيق في الماضي.
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} بعد ما كان في خطاب رجع في خبر، وهذا يقال له: خطاب التلوين، {فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا} أي يخبرهم بأعمالهم ويجازيهم بها، {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} من أعمالهم وأحوالهم، ختمت السورة بما تضمنت من التفسير، والحمد لله على التيسير.
سورة الفرقان
مكية كلها في قول الجمهور، وقال ابن عباس وقتادة: إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة، وهي: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [(68) سورة الفرقان] إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [(70) سورة الفرقان] وقال الضحاك: هي مدنية، وفيها آيات مكية، قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} .. الآيات، ومقصود هذه السورة. .
يعني عكس قول ابن عباس، قول ابن عباس أنها مكية إلا ثلاث آيات، قال الضحاك: هي مدنية إلا ثلاث آيات.
ذكر موضع عظم القرآن، وذكر مطاعن الكفار في النبوة، والرد على مقالاتهم وجهالاتهم، فمن جملتها قولهم: إن القرآن افتراه محمد، وإنه ليس من عند الله، قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} [(1) سورة الفرقان] (تَبَارَكَ) اختلف في معناه، فقال الفراء: هو في العربية و (تقدس) واحد، وهما للعظمة، وقال الزجاج: تبارك تفاعل من البركة، قال: ومعنى البركة: الكثرة من كل ذي خير، وقيل: {تَبَارَكَ} تعالى، وقيل: تعالى عطاؤه: أي زاد وكثر، وقيل: المعنى: دام وثبت إنعامه، قال النحاس: وهذا أولاها في اللغة والاشتقاق من برك الشيء إذا ثبت، ومنه برك الجمل والطير على الماء: أي دام وثبت.