قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [(60) سورة النور].
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء} القواعد: واحدتها قاعد، بلا هاء؛ ليدل حذفها على أنه قعود الكبر، كما قالوا:
لا أنه ضد القيام، إذا قيل في المرأة إذا أريدت أن تصوف بالقعود الذي هو ضد القيام قيل: قاعدة، أما إذا كان من قعود الكبر، الكبر الذي أقعدها عن النظر إلى الزواج وكونها لا تريد النكاح يقال: قاعد؛ لأن هذا خاص بالنساء، كما يقال: امرأة حامل ما يقال: حاملة، وامرأة حائض؛ لأن هذا من خواصها ما تحتاج إلى تمييز بينها وبين الرجال، لكن إذا بلغ الرجل مبلغاً بحيث يتعبه العمل هل يوصف أنه قاعد أو متقاعد؟ يعني هل التسمية بمن ترك العمل أو تركه العمل لكبر سنه كونه متقاعد –يعني عاجز عن العمل- هذه مظنة يعني مظنة أنه إذا بلغ هذا السن أنه قد يكون العمل يشق عليه فيتقاعد، فهل هو من هذا الباب أو من غيره؟ المرأة التي تأنف ولا ترغب في الزواج لتبعاته وتعجز عن حقوق الزوج مثلاً يقال لها: قاعد، اللواتي لا يرجون نكاحاً فهذه قاعد، والرجل الذي بلغ من السن مبلغاً وعمل عملاً طال به العمل وأراد أن يرتاح ويتجه لآخرته أو لأي عملٍ من الأعمال، المقصود أن هذا العمل الذي أفنى فيه جلّ عمره يتركه ويسمونه متقاعد، لكنهم لا يفرقون بين المتقاعد وبين مقاعد؛ لأنه إذا تقاعد باختياره وطوعه قيل: متقاعد، وإذا تقاعد بقوة النظام يعني ما يحق له أن يستمر في العمل يقال له: مقاعد، هذا الأصل.