الثانية: قوله تعالى: {وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [(49) سورة النور] أي طائعين منقادين لعلمهم أنه -عليه السلام- يحكم بالحق، يقال: أذعن فلان لحكم فلان يذعن إذعاناً، وقال النقاش: {مُذْعِنِينَ} خاضعين مجاهد: مسرعين، وقال الأخفش وابن الأعرابي: مقرين، {أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [(50) سورة النور] شك وريب، {أَمِ ارْتَابُوا} أم حدث لهم شك في نبوته وعدله.
{أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [(50) سورة النور] أي يجور في الحكم والظلم، وأتى بلفظ الاستفهام؛ لأنه أشد في التوبيخ، وأبلغ في الذم، كقول جرير في المدح:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
{بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [(50) سورة النور] أي المعاندون الكافرون؛ لإعراضهم عن حكم الله تعالى.
الثالثة: القضاء يكون للمسلمين إذا كان الحكم بين المعاهد والمسلم، ولا حق لأهل الذمة فيه وإذا كان بين ذميين فذلك إليهما، فإن جاءا قاضي الإسلام فإن شاء حكم، وإن شاء أعرض كما تقدم في المائدة.
الرابعة: هذه الآية دليل على وجوب إجابة الداعي إلى الحاكم؛ لأن الله سبحانه ذمَّ من دعي إلى رسوله ليحكم بينه وبين خصمه بأقبح الذم، فقال: {أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} .. الآية.
قال ابن خويزمنداد: واجب على كل من دعي إلى مجلس الحاكم أن يجيب، ما لم يعلم أن الحاكم فاسق، أو عداوة بين المدعي والمدعى عليه، وأسند الزهراوي عن الحسن بن أبي الحسن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من دعاه خصمه إلى حاكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم ولا حق له)) ذكره الماوردي أيضاً، قال ابن العربي: هذا حديث باطل، فأما قوله: ((فهو ظالم)) فكلام صحيح ..
يعني صحيح المعنى، وإن لم يصح نسبة، معناه صحيح ظالم.
طالب: رفع دعوى إلى حقوق الإنسان؟
الشيخ: إذا كان القاضي فيها غير مسلم، المرفوع إليه غير مسلم فهو من التحاكم إلى الطاغوت، وإن كان القاضي فيها مسلم، ويطلب الحق منه، وهو أهل للقضاء والفصل بين الناس لا مانع إذا كان يحكم بشرع الله.
طالب: لها الأنظمة يا شيخ؟