قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء} [(45) سورة النور] قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي: والله خالق (كل) بالإضافة، والباقون {خلق} على الفعل، قيل: إن المعنيين في القراءتين صحيحان، أخبر الله -عز وجل- بخبرين، ولا ينبغي أن يقال في هذا: إحدى القراءتين أصح من الأخرى، وقد قيل: إن {خلق} لشيء مخصوص، وإنما يقال: خالق على العموم، كما قال الله -عز وجل-: {الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [(24) سورة الحشر] وفي الخصوص {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [(1) سورة الأنعام] وكذا {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [(189) سورة الأعراف] ..

الفرق بين خلق وخالق أن الفعل يدل على التجدد، بينما الاسم يدل على الثبوت والدوام، فلكل واحدٍ منهما معنى.

فكذا يجب أن يكون {اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ} [(45) سورة النور] والدابة كل ما دب على وجه الأرض من الحيوان، يقال: دب يدب فهو دآب، والهاء للمبالغة، وقد تقدم في (البقرة). {مِن مَّاء} لم يدخل في هذا الجن والملائكة؛ لأنا لم نشاهدهم ولم يثبت أنهم خلقوا من ماء، بل في الصحيح: أن الملائكة خلقوا من نور، والجن خلقوا من نار، وقد تقدم ..

فعلى هذا يخرجون من هذا العموم، وإن دبوا على الأرض أحياناً فهم يخرجون من هذا العموم؛ لأنهم لم يخلقوا من ماء.

وقال المفسرون: {مِن مَّاء} أي من نطفة، قال النقاش: أراد أمنية الذكور، وقال جمهور النظرة ..

يعني النظار، النظرة النظار، الطبري كثيراً ما يقول، بل لا يقول إلا القرأة، ويريد بهم القراء، والصحيح بذلك عندنا كذا لإجماع القرأة على كذا، ويريد بهم القراء، وهنا: النظرة يراد بهم النظار.

أراد أن خلقةَ كل حيوان فيها ماء، كما خلق آدم من الماء والطين، وعلى هذا يتخرج قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للشيخ الذي سأله في غزاة بدر: ممن أنتما؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحن من ماء)) الحديث، وقال قوم: لا يستثنى الجن والملائكة، بل كل حيوان خلق من الماء، وخلق النار من الماء، وخلق الريح من الماء، إذ أول ما خلق الله تعالى من العالم الماء، ثم خلق منه كل شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015