لأن الرفع هو الأصل، النسق هو الأصل فهو الأجود إذا وجد ضمير الفصل.
{كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} [(41) سورة النور] يجوز أن يكون المعنى: كل قد علم الله صلاته وتسبيحه: أي علم صلاة المصلي، وتسبيح المسبح، ولهذا قال: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} [(41) سورة النور] أي لا يخفى عليه طاعتهم ولا تسبيحهم، ومن هذه الجهة يجوز نصب {كل} عند البصريين والكوفيين بإضمار فعل يفسره ما بعده، وقد قيل: المعنى قد علم كل مصلٍ ومسبح صلاة نفسه وتسبيحه الذي كلفه، وقرأ بعض الناس (كلٌ قد عُلم صلاته وتسبيحه) غير مسمى الفاعل، وذكر بعض النحويين أن بعضهم قرأ (كلٌ قد علَّم صلاته وتسبيحه) فيجوز أن يكون تقديره: كل قد علمه الله صلاته وتسبيحه، ويجوز أن يكون المعنى: كل قد علَّم غيره صلاته وتسبيحه: أي صلاة نفسه، فيكون التعليم الذي هو الإفهام والمراد الخصوص؛ لأن من الناس من لم يعلِّم، ويجوز أن يكون المعنى كل قد استدل منه المستدل، فعبَّر عن الاستدلال بالتعليم، قاله المهدوي، والصلاة هنا بمعنى التسبيح، وكرر تأكيداً، كقوله: يعلم السر والنجوى، والصلاة قد تسمى تسبيحاً، قاله القشيري.
والسبحة هي السنة، وهي الصلاة، ففي ارتباط بين التسبيح وبين الصلاة الشرعية، وأولى التقديرات هو الأول، (كلٌ) تنوين عوض عن مضاف إليه، تقديره: كل أحدٍ قد علم الله -جل وعلا- صلاته وتسبيحه، وامتثاله لأمره، وعدم امتثاله.
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [(42) سورة النور] تقدم في غير موضع.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} [(43) سورة النور] ذكر من حججه شيئاً آخر: أي ألم تر بعيني قلبك، {يُزْجِي سَحَابًا} أي يسوق إلى حيث يشاء، والريح تزجي السحاب، والبقرة تزجي ولدها أي: تسوقه، ومنه زجا الخراج يزجو زجاء (ممدوداً) إذا تيسرت جبايته ..