وبالبحر اللجي قلبه، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة، وبالسحاب الرين والختم والطبع على قلبه، روي معناه عن ابن عباس وغيره: أي لا يبصر بقلبه نور الإيمان، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها، وقال أبي بن كعب: الكافر يتقلب في خمس من الظلمات: كلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار، وبئس المصير.
{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ} يعني الناظر {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أي من شدة الظلمات، قال الزجاج وأبو عبيدة: المعنى لم يرها ولم يكد، وهو معنى قول الحسن، ومعنى {لَمْ يَكَدْ} لم يطمع أن يراها، وقال الفراء: كاد صلة، أي لم يرها كما تقول: ما كدت أعرفه، وقال المبرد: يعني لم يرها إلا من بعد الجهد، كما تقول: ما كدت أراك من الظلمة، وقد رآه بعد يأس وشدة.
وقيل: معناه قرب من الرؤية ولم يرَ، كما يقال: كاد العروس يكون أميراً، وكاد النعام يطير، وكاد المنتعل يكون راكباً، قال النحاس: وأصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها، فإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة ..
كاد إذا كانت منفية لها حكم، وإذا كانت مثبتة فلها حكم، إذا كانت منفية أثبتت على بُعد، وإذا كانت مثبتة (كاد) فهي للنفي، فإذا قلت: (لم يكد زيد أن ينجح) معناه أنه نجح لكنه بعد جهدٍ جهيد، وإذا أثبت كاد، وقلت: (كاد زيد أن ينجح) فهل هو نجح وإلا ما نجح؟ ما نجح، لكنه قرب منه، وجاء إخفاء الساعة وأنه لا يعلمها إلا الله -جل وعلا-، وقال الله -جل وعلا- عنها: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طه] فعلى هذا {أَكَادُ أُخْفِيهَا} هل هي مخفية أو غير مخفية؟
طالب: مخفية.
الشيخ: معروف، لكن الآن، من هذا الأسلوب هل هي مخفية أو غير مخفية؟ {أَكَادُ أُخْفِيهَا}.
يعني: أقرب من أن أخفيها، معناه أنه ما أخفاها؟
طالب: ليست مخفية.