وكتب أبو صادق الأزدي إلى شعيب بن الحبحاب: أن عليك بالمساجد فالزمها فإنه بلغني أنها كانت مجالس الأنبياء، وقال أبو إدريس الخولاني: المساجد مجالس الكرام من الناس، وقال مالك بن دينار: بلغني أن الله تبارك وتعالى يقول: "إني أهمّ بعذاب عبادي فأنظر إلى عمار المساجد، وجلساء القرآن، وولدان الإسلام فيسكن غضبي".

وروي عنه -عليه السلام- أنه قال: ((سيكون في آخر الزمان رجال يأتون المساجد، فيقعدون فيها حلقاً حلقاً ذكرهم الدنيا وحبها، فلا تجالسوهم فليس لله بهم حاجة)) وقال ابن المسيب: من جلس في مسجد فإنما يجالس ربه، فما حقه أن يقول إلا خيراً.

وقد مضى من تعظيم المساجد وحرمتها ما فيه كفاية، وقد جمع بعض العلماء في ذلك خمس عشرة خصلة فقال: من حرمة المسجد أن يسلم وقت الدخول إن كان القوم جلوساً، وإن لم يكن في المسجد أحد قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ..

يعني كما يدخل بيته، أو بيت ليس فيها أحد يسلم على نفسه.

وأن يركع ركعتين قبل أن يجلس، وألا يشتري فيه ولا يبيع، ولا يسل فيه سهماً ولا سيفاً، ولا يطلب فيه ضالة، ولا يرفع فيه صوتاً بغير ذكر الله تعالى، ولا يتكلم فيه بأحاديث الدنيا، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا ينازع في المكان، ولا يضيق على أحد في الصف، ولا يمر بين يدي مصلٍ، ولا يبصق ولا يتنخم ولا يتمخط فيه، ولا يفرقع أصابعه، ولا يعبث بشيء من جسده، وأن ينزَّه عن النجاسات والصبيان والمجانين، وإقامة الحدود، وأن يكثر ذكر الله تعالى، ولا يغفل عنه، فإذا فعل هذه الخصال فقد أدى حق المسجد، وكان المسجد حرزاً له، وحصناً من الشيطان الرجيم.

وفي الخبر: أن مسجداً ارتفع بأهله إلى السماء يشكوهم إلى الله لما يتحدثون فيه من أحاديث الدنيا، وروى الدارقطني عن عامر الشعبي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اقتراب الساعة أن يُرى الهلال قبلاً فيقال: لليلتين، وأن تتخذ المساجد طرقاً، وأن يظهر موت الفجأة))، هذا يرويه عبد الكبير بن المعافى عن شريك عن العباس بن ذريح عن الشعبي عن أنس وغيره يرويه عن الشعبي مرسلاً، والله أعلم. وقال أبو حاتم: عبد الكبير بن معافى ثقة كان يعد من الأبدال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015