يعني لا على سبيل الوجوب، هذا قول جماهير أهل العلم خلافاً للظاهرية؛ لأن الأمر ظاهره الوجوب، لكن الصوارف كثيرة، فالمعتمد أنه سنة، ولا يجزئ أقل من ركعتين، لو أوتر بواحدة ما يكفي، فلا بد من ركعتين، كما أنه لا يجزي تسبيح ولا تحميد ولا تهليل، كما قال النووي وغيره، ما يكفي عن الركعتين.
وقد ذهب داود وأصحابه إلى أن ذلك على الوجوب، وهذا باطل، ولو كان الأمر على ما قالوه؛ لحرم دخول المسجد على المحدث الحدث الأصغر حتى يتوضأ، ولا قائل به فيما أعلم، والله أعلم.
فإن قيل: فقد روى إبراهيم بن يزيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين، وإذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين، فإن الله جاعل من ركعتيه في بيته خيراً)) وهذا يقتضى التسوية بين المسجد والبيت، قيل له: هذه الزيادة في الركوع عند دخول البيت لا أصل لها، قال ذلك البخاري، وإنما يصح في هذا حديث أبي قتادة الذي تقدم لمسلم، وإبراهيم هذا لا أعلم روى عنه إلا سعد بن عبد الحميد، ولا أعلم له إلا هذا الحديث الواحد، قاله أبو محمد عبد الحق ..
الأمر بالركعتين لدخول المسجد هذا ما فيه إشكال، صحيح ثابت، وأما الأمر بهما لدخول البيت فلا.
طالب: أقوى الصوارف؟
الشيخ: أقواها، من دخل على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جالس ما أمره بالصلاة، سلم وجلس عنده -عليه الصلاة والسلام-، وأيضاً: حديث الأعرابي قال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا إلا أن تطوع)) وغير ذلك كثير، كثيرة الصوارف، ذكروا جملةً منها.
طالب: عبد الحق من هو؟
الشيخ: عبد الحق الأشبيلي في أحكامه.
طالب: سماع الخطبة واجب والركعتين سنة، فكيف يترك واجب لأجل سنة؟.
الشيخ: أي نعم، يترك الواجب ويأتي بسنة؛ لأن هذا الواجب ما يبدأ إلا عند السماع، بدليل أنك لو تأخرت في بيتك حتى انتهت الخطبة ما أثمت.
طالب: وإذا دخلت المسجد؟
الشيخ: دخلت المسجد، لكنك الآن ما شرعت بعد في الاستماع، أنت تصلي ركعتين للأمر بهما.