العلة مركبة، من كونه في المسجد وكونه يؤذي؛ لأن الأحاديث جاءت بهذا، من كونه في المسجد، ومن كونه يؤذي؛ لأنه لو قلنا: أنه يحرم في غير المسجد، لماذا يخرجه النبي -عليه الصلاة والسلام- من المسجد؟ ((فلا يقربن مسجدنا)) فالاختصاص بالمسجد ظاهر، فإذا صلى في بيته أو في برية أو في غيرها له أن يأكل من هذه الشجرة، لكن لا يصلي في المسجد، وإذا صلى في مسجدٍ ليس فيه من يتأذى به لا مانع من ذلك؛ لأنه لا يتأذى به أحد، فالعلة مركبة من الأمرين، من كونه مسجد، وكونه يتأذى به، والعلة المركبة لا يترتب عليها الحكم إلا إذا اجتمعت مركباتها، وعلى هذا لو أن إنساناً في المسجد بمفرده واحتاج إلى إرسال الريح، وليس عنده من يتأذى به، أهل العلم يقولون: ولا بأس بإرساله للحاجة، لكن لا بد أن لا يوجد من يتأذى به، نعم المسجد ينبغي أن يصان ويعظم، لكن إذا احتاج لذلك، شخص معتكف ونائم مثلاً أو جالس، نقول: لا بد أن تخرج من المسجد، أو يديم الجلوس في المسجد؟ العلماء يقولون: لا بأس به للحاجة، إذا لم يوجد من يتأذى به، فالعلة حينئذٍ مركبة.
طالب: البصل بالطبخ تزول الرائحة منه؟
الشيخ: ينتهي ينتهي، يمات طبخاً، ما في شيء، ومع ذلك حتى لو أكل لا يقال: إن هذه الشجرة حرام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له -في صحيح مسلم–: أحرام هي؟ قال: ((لا أحرم ما أحل الله)) لكن من أكل لحاجة فلا يصلي في المسجد مع الناس، يصلي في بيته أو ينظر في مكان ليس فيه أحد.
طالب: أحياناً رائحة الدخان أشد من رائحة البصل؟
الشيخ: مثله، الحكم واحد.
طالب: هل يجوز قطع الصلاة؟
الشيخ: قطع من؟
طالب: الذي بجانبه؟
الشيخ: إذا كان لا يطيق بحيث لا يستطيع أن يصلي بجانبه أو لا يدرك من صلاته شيء يقطع الصلاة.
طالب: إن كان يغثى يا شيخ؟
الشيخ: غثيان وشبهه؟ إذا خشي ذلك وغلب على ظنه يقطع الصلاة.
طالب: في هذه الحال يجوز له أن يضع لثام؟
الشيخ: اللثام مكروه عند أهل العلم، وعندهم الكراهة تزول بأدنى حاجة.
طالب: لو كان جماعة في مسجد وأكلوا كلهم بصل فهل لهم أن يصلوا في المسجد؟
الشيخ: لأنهم لا يتأذون؟
طالب: نعم.
الشيخ: ارتفع جزء العلة، لكن لا شك أن هذا يبقى فيه امتهان المسجد.