{يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ} يعني إرث النبوة من إبراهيم -عليه السلام- هو الشجرة المباركة يعني حنيفية لا شرقية ولا غربية، لا يهودية ولا نصرانية.
{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} يقول: يكاد إبراهيم يتكلم بالوحي من قبل أن يوحى إليه.
{نُّورٌ عَلَى نُورٍ} إبراهيم ثم محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال القاضي: وهذا كله عدول عن الظاهر، وليس يمتنع في التمثيل أن يتوسع المرء فيه.
يعني يكون من باب التقريب، لا من باب التطبيق، يعني تقريب لأذهان السامعين في هذا التمثيل يمكن أن يتوسع به، أما تطبيق المثال على ما ذكر فلا.
قلت: وكذلك في جميع الأقوال لعدم ارتباطه بالآية ما عدا القول الأول، وأن هذا مثل ضربه الله تعالى لنوره ولا يمكن أن يضرب لنوره المعظم مثلاً تنبيهاً لخلقه إلا ببعض خلقه؛ لأن الخلق لقصورهم لا يفهمون إلا بأنفسهم ومن أنفسهم، ولولا ذلك ما عرف الله إلا الله وحده، قاله ابن العربي، قال ابن عباس: هذا مثل نور الله، وهداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار، فإن مسته النار زاد ضوؤه، كذلك قلب المؤمن يكاد يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا جاءه العلم زاده هدىً على هدى، ونوراً على نور ..
تشوفون في بعض المحلات الثريات هذه اللي ذات الأقيام المرتفعة جداً، تجدها مثلما قال الله -عز وجل-: تكاد تضيء ولو لم يمسسها نار، يعني إن جئتها من جهة ظهر لها ألوان وأشكال وأنوار، ومن جهة أخرى كذلك، ومن جهة ثالثة كذلك، ثم إذا أشعلت فيها الأنوار زادت أنوارها، وهذا أيضاً مثال تقريبي.
كقول إبراهيم من قبل أن تجيئه المعرفة: {هَذَا رَبِّي} [(76) سورة الأنعام] من قبل أن يخبره أحد أن له رباً، فلما أخبره الله أنه ربه زاد هدى، فقال له ربه: {أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [(131) سورة البقرة] ومن قال: إن هذا مثل للقرآن في قلب المؤمن قال: كما أن هذا المصباح يستضاء به ولا ينقص، فكذلك القرآن يهتدى به ولا ينقص، فالمصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن، والمشكاة لسانه وفهمه، والشجرة المباركة شجرة الوحي.