وقال ابن عمر: المشكاة جوف محمد -صلى الله عليه وسلم-، والزجاجة قلبه، والمصباح النور الذي جعله الله تعالى في قلبه، يوقد من شجرة مباركة: أي أن أصله من إبراهيم وهو شجرته، فأوقد الله تعالى في قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- النور كما جعله في قلب إبراهيم -عليه السلام-، وقال محمد بن كعب: المشكاة إبراهيم، والزجاجة إسماعيل، والمصباح محمد -صلوات الله عليهم أجمعين-، سماه الله تعالى مصباحاً كما سماه سراجاً، فقال: {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} [(46) سورة الأحزاب] يوقد من شجرة مباركة وهي آدم -عليه السلام- بورك في نسله، وكثر منه الأنبياء والأولياء، وقيل: هي إبراهيم -عليه السلام- سماه الله تعالى مباركاً؛ لأن أكثر الأنبياء كانوا من صلبه.
{لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} أي لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، وإنما كان حنيفاً مسلماً، وإنما قال ذلك؛ لأن اليهود تصلي قبل المغرب، والنصارى تصلي قبل المشرق.
{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ} أي يكاد محاسن محمد -صلى الله عليه وسلم- تظهر للناس قبل أن أوحى الله تعالى إليه.
{نُّورٌ عَلَى نُورٍ} نبي من نسل نبي، وقال الضحاك: شبه عبد المطلب بالمشكاة، وعبد الله بالزجاجة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- بالمصباح كان في قلبهما فورث النبوة من إبراهيم.
هذا الكلام لا أصل له، سواءً هذا والذي قبله عن محمد بن كعب، يعني هذه أمور معاني شبهت معاني، والمشبه بها أجساد.
{مِن شَجَرَةٍ} أي شجرة التقى والرضوان وعشيرة الهدى والإيمان، شجرة أصلها نبوة، وفرعها مروءة وأغصانها تنزيل، وورقها تأويل، وخدمها جبريل وميكائيل، قال القاضي أبو بكر ابن العربي: ومن غريب الأمر أن بعض الفقهاء قال: إن هذا مثل ضربه الله تعالى لإبراهيم ومحمد ولعبد المطلب وابنه عبد الله، فالمشكاة هي الكوة بلغة الحبشة، فشبَّه عبد المطلب بالمشكاة فيها القنديل وهو الزجاجة، وشبه عبد الله بالقنديل وهو الزجاجة، ومحمد كالمصباح يعني من أصلابهما، وكأنه كوكب دري وهو المشتري.