والإغناء والفقر، الإغناء قد يكون بقدر زائد على مجرد النفقة، والفقر هو العجز عن الإنفاق، فقد يكون ليس بغني وليس بفقير، بمعنى أنه يجد ما ينفق، ولكن ليس له غنىً يجعله يعد من الأغنياء، وليس بفقير فقراً يعجزه عن النفقة، فهما ليسا متقابلين، ومنهم من يرى أن من يملك الخمسين درهماً يكون غنياً، هذا في تحديد الغنى والفقر عند أهل العلم.
وعلى كل حال المرد في ذلك إلى القدرة على النفقة وعدم القدرة عليه، فإن قدر على نفقتها ولو لم يكن غنياً، إذا صارت عنده أموال زائدة على هذا القدر فلا فسخ، حينئذٍ لا فسخ، أما إذا عجز عن الإنفاق عليها، وتضررت من البقاء معه فإنه يفرق بينهما {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ} [(130) سورة النساء]
فأما من تزوج موسراً وأعسر بالنفقة فإنه يفرق بينهما، قال الله تعالى: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ} ونفحات الله تعالى مأمولة في كل حال موعود بها ..
يعني ليس الفقر أو الغنى وصف لازم للمرء لا يفارقه، بل يعرض هذا ويطرأ هذا، ويزول هذا، ويتصف بهذا الوصف حيناً وبالآخر حيناً آخر، والله المستعان.
طالب: هل النية لها أثر كبير في هذا الوعد؟
الشيخ: يعني من دخل رجاء هذا الوعد
طالب: الناكح يريد العفاف.
نعم، الذي يريد عفاف نفسه، بهذا القصد.
طالب: لكن لو دخل لقصد الغنى؟
يعني جعله من المقاصد، إذا ذكر الثواب المرتب على العمل سواء كان دنيوي أو أخروي فقصده لا يضر، فمثلاً لو أن إنسان جاء بذكر رتب عليه أجور حسنات، وقصد هذه الأجور، هل نقول: هذا يقدح في إخلاصه؟ لا، كذلك لو رتب عليه أمر من أمور الدنيا، حفظ مثلاً، حفظه الله من الشيطان، حفظه الله من كذا، وقصد هذا الحفظ، وكان في ذمة الله حتى يمسي، أو في ذمة الله حتى يصبح، وقصد هذا لا يؤثر في العبادة؛ لأنه لو كان مؤثراً لما ذكر في النص، التنصيص عليه يدل على أنه لا يؤثر قصده.
قوله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} فيه أربع مسائل: