فإن قيل: فقد نجد الناكح لا يستغني، قلنا: لا يلزم أن يكون هذا على الدوام، بل لو كان في لحظة واحدة لصدق الوعد، وقد قيل: يغنيه أي يغني النفس، وفي الصحيح: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس)) وقد قيل: ليس وعد لا يقع فيه خلف، بل المعنى أن المال غادٍ ورائح، فارجوا الغنى، وقيل: المعنى يغنهم الله من فضله إن شاء، كقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء} [(41) سورة الأنعام] وقال تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء} [(62) سورة العنكبوت] وقيل: المعنى: إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال، ليتعففوا عن الزنا.

السابعة: هذه الآية دليل على تزويج الفقير ..

لكن ظاهر الآية أنه وعد من الله -جل وعلا- لمن تزوج، ولا يختص هذا بالزواج الأول أو الثاني أو الثالث، المقصود أن من تزوج هو موعود بالغنى، والزواج سبب من أسباب الغنى، قد يعارضه مانع، فلا يترتب أثره عليه.

طالب: في الخبر (إن يكن الشؤم ففي ثلاثة ... وذكر المرأة)؟

الشيخ: والمرأة أيضاً، هذا إن وجد، هذا لا يعني أنه موجود، لكن إن كان فأقرب الأمور إليه هذه الثلاثة.

طالب: يعني معناه خبر؟

الشيخ: استبعاد.

ولا يقول: كيف أتزوج وليس لي مال؟! فإن رزقه على الله، وقد زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد، وليس لها بعد ذلك فسخ النكاح بالإعسار؛ لأنها دخلت عليه ..

دخلت عليه على علمٍ بحاله، أما لو دخلت عليه على خلاف ذلك، بأن ظنته غنياً أو تظاهر بالغنى، ثم تبين لها أنه فقير لها أن تفسخ، إذا عجز، إذا أعسر وعجز عن النفقة، أما إذا دخلت على بيّنة، وعرفت أنه فقير وقبلته على هذا الأساس ليس لها الفسخ بعد ذلك.

وإنما يكون ذلك إذا دخلت على اليسار فخرج معسراً، أو طرأ الإعسار بعد ذلك؛ لأن الجوع لا صبر عليه، قاله علماؤنا، وقال النقاش: هذه الآية حجة على من قال: إن القاضي يفرق بين الزوجين إذا كان الزوج فقيراً لا يقدر على النفقة؛ لأن الله تعالى قال: {يُغْنِهِمُ اللَّهُ} ولم يقل: يفرَّق، وهذا انتزاع ضعيف، وليس هذه الآية حكماً فيمن عجز عن النفقة، وإنما هي وعد بالإغناء لمن تزوج فقيراً ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015