قوله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [(24) سورة النور] قراءة العامة بالياء، واختاره أبو حاتم، وقرأ الأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف {يشهد} بالياء، واختاره أبو عبيد لأن الجار والمجرور قد حال بين الاسم والفعل.
نعم، إذا وجد فاصل بين الفعل والفاعل للمؤنث جاز التذكير والتأنيث للفعل، إذا وجد الفاصل جاز التذكير والتأنيث، مع أن الألسن جمع تكسير يجوز تذكيره وتأنيثه، مثل الرجال، وجاء الرجال، وجاءت الرجال، ولو لم يوجد فاصل فلا مانع من تأنيث الفعل، وإن كان جمع تكسير؛ لأنه إن أريد به الجمع ذُكّر، وإن أريد به الجماعة أنث، فيجوز على حدٍ سواء.
والمعنى: يوم تشهد ألسنة بعضهم على بعض، بما كانوا يعملون من القذف والبهتان، وقيل: تشهد عليهم ألسنتهم ذلك اليوم بما تكلموا به ..
نعم، ألسنتهم يعني ألسنة القذفة، لا شهادة ألسنة غيرهم عليهم كما قدمه هو هنا، قال: يوم تشهد ألسنة بعضهم على بعض، لكن في يوم القيامة لا مانع من أن يشهد على نفسه، لأنها تشهد عليه جوارحه، ومن ذلك ألسنتهم.
{وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم} [(24) سورة النور] أي: وتتكلم الجوارح بما عملوا في الدنيا.
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [(25) سورة النور]
أي حسابهم وجزاؤهم، وقرأ مجاهد: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقُّ} برفع {الحق} على أنه نعت لله -عز وجل-، قال أبو عبيد: ولولا كراهة خلاف الناس لكان الوجه الرفع؛ ليكون نعتاً لله -عز وجل-، وتكون موافقة لقراءة أبي ..
لا وجه للترجيح هنا؛ لأن الله -جل وعلا- كما يوصف بأنه الحق كذلك يوصف الدين بأنه الحق، يوصف الدين والجزاء من الله -جل وعلا- على أنه حق.
وذلك أن جرير بن حازم قال: رأيت في مصحف أبي: يوفيهم الله الحق دينهم. قال النحاس: وهذا الكلام من أبي عبيد غير مرضي؛ لأنه احتج بما هو مخالف للسواد الأعظم، ولا حجة أيضاً فيه؛ لأنه لو صح هذا أنه في مصحف أبي كذا جاز أن تكون القراءة: يومئذٍ يوفيهم الله الحق دينهم.