الأخبار التي تشاع ولو كثر ناقلوها فإنها لا تفيد علماً ما لم تستند إلى الحس، يعني مجرد إشاعة لا تفيد العلم ولو حملها مئات الألوف، فإنها حينئذٍ لا تفيد علماً ما لم تستند إلى الحس يكون لها مصدر معروف يثبت الخبر بنقله، يعني لو أن شخص أو إذاعة من الإذاعات بثت خبر، ثم تلقت هذا الخبر وكالات الأنباء كلها وبثته في العالم يكتسب مصداقية هذا الخبر مع أن أصله واحد، هذه الإذاعة أيضاً ليست من أهل التثبت والتوثيق فلا يثبت الخبر بهذا، وكثيراً من الأخبار التي يتداولها العالم ويلوكونها ثم يعلن نقضها وتكذيبها، في قصة اعتزال النبي -عليه الصلاة والسلام- زوجاته في المشربة، وكونه آل منهن لمدة شهر، شاع في المدينة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلق نساءه، واجتمع الناس حول المنبر كلهم يتداولون هذا الخبر، ودخل عمر -رضي الله تعالى عنه- مغضباً، وسأل الناس أطلق النبي -عليه الصلاة والسلام- نساءه؟ قالوا: نعم، بناءً على هذه الإشاعة، فاستأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثاً ثم أذن له، فقال له: أطلقت نساءك؟ قال: لا، هذه مجرد إشاعة استندت إلى فهم، ما استندت إلى حس، يعني ما سمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه طلق نسائه، ولا رؤية الآثار المترتبة على الطلاق، فلم يكن لا سماع ولا رؤية مشاهدة، ولا شيء إنما هي مجرد إشاعة استندت إلى وهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- آل ألا يجالس نساءه بعد أمور حصلت منهن من تضييق عليه، وكثرة المطالب، فاعتزلهن لمدة شهر في المشربة، فجزم الناس أنه طلق نساءه، لكن هذه مجرد إشاعة، وما أكثر الإشاعات لا سيما إذا كانت الأوهام تتطاول عليها، أو تودها، أو تحذر منها، فإذا كان الناس يتمنون طول الإجازة مثلاً لأن الظرف يقتضي إطالتها، والإجازة قصيرة ما تكفي للناس أو تقديم شيء أو تأخير شيء، يعني الناس مشرئبون لمثل هذا الخبر، تجد أدنى شخص يقول أدنى كلمة في الموضوع يجزم بأنه صدر من مصدره الذي يملك التمديد، ثم بعد ذلك لا يلبث أن ينفى مثل هذا الخبر، وهذا كثير، زيادة الرواتب، نقص رواتب، زيادة كذا، من الأشياء التي تمس حاجة الناس، أدنى كلمة ولو كانت لو صدرت من غير أهل، تلقيت بالقبول، فهذه الإشاعات