وهذا قول لم يتقدمه إليه أحد من الصحابة على أن البتي قد استحب للملاعن أن يطلق بعد اللعان، ولم يستحسنه قبل ذلك، فدل على أن اللعان عنده قد أحدث حكماً، وبقول عثمان قال جابر بن زيد فيما ذكره الطبري وحكاه اللخمي عن محمد بن أبي صفرة ومشهور المذهب أن نفس تمام اللعان بينهما فرقة ..
لأن من الآثار المترتبة عليه، من الآثار المرتبة على اللعان، الفرقة المؤبدة وانتفاء الولد وسقوط الحد.
واحتج أهل هذه المقالة بأنه ليس في كتاب الله تعالى إذا لاعن أو لاعنت يجب وقوع الفرقة وبقول عويمر: كذبت عليها إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً، قال: ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك عليه، ولم يقل له: لم قلت هذا وأنت لا تحتاج إليه؛ لأن باللعان قد طلقت، والحجة لمالك في المشهور، ومن وافقه قوله -عليه السلام-: ((لا سبيل لك عليها)) وهذا إعلام منه أن تمام اللعان رفع سبيله عليها وليس تفريقه بينهما باستئناف حكم، وإنما كان تنفيذاً لما أوجب الله تعالى بينهما من المباعدة، وهو معنى اللعان في اللغة ..
الطرد والإبعاد، معنى اللعان واللعن في اللغة الطرد والإبعاد –نسأل الله السلامة والعافية-.
السابعة والعشرون: ذهب الجمهور من العلماء أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً فإن أكذب نفسه جلد الحد، ولحق به الولد، ولم ترجع إليه أبداً، وعلى هذا السنة التي لا شك فيها ولا اختلاف، وذكر ابن المنذر عن عطاء أن الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحد، وقال: قد تفرقا بلعنة من الله، وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا أكذب نفسه جلد الحد، ولحق به الولد، وكان خاطباً من الخطاب إن شاء، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وسعيد بن جبير وعبد العزيز بن أبي سلمة ..
لكن إذا أكذب نفسه، ولم تطالب بالحد، لأنه يقول -أبو حنيفة-: إذا أكذب نفسه جلد الحد، ولحق به الولد، يحد وإلا ما يحد؟ أكذب نفسه فلم تطالب بالحد؟
طالب: ما يحد
وإن كان هذا الحد وصل السلطان وحصل اللعان؟
طالب: إذا لم تطالب بحق الله.