القرآن كله كلام الله، لكن قد يكون كلام الله على لسان أحدٍ من خلقه، فقوله تعالى على لسان فرعون: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [(24) سورة النازعات] هو كلام الله -سبحانه وتعالى- لكنه على لسان ذلك الطاغية، فقولنا: الحمد لله رب العالمين، يعني قاله الله -سبحانه وتعالى- من تلقاء نفسه، وأمر بقوله، ولذا قدرنا في أوله: قولوا الحمد لله رب العالمين، فهل نقول: إن الحمد لله رب العالمين من مقول الله حمد من الله لنفسه؟ أو حمد من المخلوق لله -سبحانه وتعالى-؟ يعني هل الآية الحمد لله رب العالمين حمد من الله لنفسه؟ وهذا مما يقال في تقسيم الحمد أنه حمد قديم لقديم كما قالوا، وهو حمد الله لنفسه، وحمد قديم لحادث، كحمد الله -سبحانه وتعالى- ومدحه لبعض خلقه، وحمد حادثٍ لقديم وهو حمد المخلوق لربه، وحمد حادثٍ لحادث، وتقدم الفرق بين الحمد والمدح، وهو أنه هل يتأتى بالنسبة للمخلوق أن يحمد أو يمدح؟ والخلاف في ذلك تقدم كله، يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في هذا دليل على أن أول السورة خبر من الله تعالى بالثناء على نفسه الكريمة، يعني حينما نقول في ابتداء قراءتنا الحمد لله رب العالمين فنحن نثني على الله -سبحانه وتعالى- بذلك، هل نقول: بعد أن أمرنا الله -سبحانه وتعالى- بالثناء عليه، وبحمده، أو نقول: اقتداءً بثناء الله -سبحانه وتعالى- على نفسه، وإرشاد لعباده أن يثنوا عليه بذلك، وعلى كل سواء كانت خبر، أو امتثال أمر، فالخبر يأتي ويقصد به الأمر، وحينئذٍ يكون أبلغ في المراد من الأمر الصريح {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(228) سورة البقرة] هذا خبر، لكن مفاده الأمر، ولذا ما في أحدٍ من أهل العلم قال بأن العدة مباحة؛ لأن هذا خبر وليس بأمر، وليس فيه من قال: إن العدة مندوبة فقط، بل أوجبوا الاعتداد، اعتداد المطلقة، والآية وإن كان لفظها الخبر إلا أن المراد منها الأمر، والحمد سواء قدرنا قولوا أو لم نقدر، فنحن مطالبون بأن نحمد الله -سبحانه وتعالى-، نعم، بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما في تقدير قولوا إلا لتكون السورة كلها متسقة من كلام العباد بس.