"ولا جاوزه تلك الليلة" {لَقَدْ رَأَى} [(18) سورة النجم] "فيها" أي: في تلك الليلة {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} أي: "العظام أي بعضها، فرأى من عجائب الملكوت رفرفاً أخضر سد أفق السماء، وجبريل له ستمائة جناح"، حينما رآه في النزلة الأخرى على خلقه أمر مهول، أمر عظيم، {لَقَدْ رَأَى} [(18) سورة النجم] "فيها" أي: في هذه الليلة {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} أي: "العظام أي بعضها" فعلى هذا (من) تبعيضية، رأى من الآيات، رأى من الآيات الكبرى بعضها؛ لأن (من) تبعيضية، رأى من الآيات الكبرى بعضها، أو رأى بعض الآيات التي هي الكبرى منها، يعني رأى أكبر الآيات، أو رأى بعض آيات الآيات الكبرى، تأملوا في الآية، {لَقَدْ رَأَى} [(18) سورة النجم] "فيها" أي: في هذه الليلة {مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} يعني هل نقول: إنه رأى الكبرى من آيات ربه؟ فرأى جميع الآيات الكبار، وهي بعض من الآيات بمجملها؟ أو نقول: إنه لم ير الآيات الكبرى كلها بل رأى بعضها؟ وحينئذٍ الكبرى وصف لأي شيء؟ يعني (من) هل هذه بيانية أو تبعيضية؟ إذا كانت بيانية نقول: رأى آيات ربه الكبرى كلها، وإذا قلنا: تبعيضية قلنا: رأى بعض الآيات الكبرى، يعني كما في قوله -جل وعلا-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [(82) سورة الإسراء] وننزل من القرآن ما هو شفاء إذا قلنا: (من) بيانية قلنا: القرآن كله شفاء، وإذا قلنا: تبعيضية قلنا: إن بعض القرآن شفاء، بعض القرآن شفاء وبعضه أحكام، وبعضه آداب، وبعضه قصص، وبعضه عقائد، بعضه مواعظ، وبعضه شفاء، يعني لو جاءك مريض فطلب منك الرقية ثم قرأت عليه، نفثت عليه وقرأت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] يعني مقتضى كون القرآن كله شفاء أنت اقرأ مثل هذه الآية، وتقرأ تبت يدا أبي لهب، وتقرأ .. ، صح وإلا لا؟ إذا قلنا: القرآن كله شفاء، وإذا قلنا: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [(82) سورة الإسراء] تبعيض، هناك آيات للشفاء، وهناك آيات للأحكام، وهناك آيات للقصص، وهناك آيات عقائد، واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعود إلى الآية {لَقَدْ رَأَى} [(18) سورة النجم] "فيها" في