{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} [(37) سورة الطور] من النبوة والرزق وغيرهما فيخصوا من شاؤوا بما شاؤوا"، من أعظم الرزق أن يمنح المنحة الإلهية العظمى "النبوة"، لما بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- اقترح أهل مكة أن يكون النبي على رجل من القريتين عظيم، إما أبو جهل من مكة، وإما عروة بن مسعود الثقفي من الطائف اقترحوا هذا، لكن {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [(124) سورة الأنعام]، هذا من الله -جل وعلا- لا يتصرف فيها أحد، فالمرسل هو الذي يختار الرسول.
الرزق عندهم خزائن الرزق يستطيعون أن ينزلوا المطر متى شاؤوا، لتنبت لهم الأرض ما يعيشون به ويتعيش به دوابهم، أصيبوا بالسنين، ماتوا من الجوع، ما استطاعوا أن يقدموا ولا يؤخروا، أعظم ما عندهم أبو جهل وأبو لهب ونظرائهم ما استطاعوا أن يوجدوا لقمة عيش يأكلونها، يرون الجو كله دخان رائح جاي من الجوع، والجوع بئس الضجيع يريك ما لا ترى، يري عيناك ما لا تراه، فهل استطاعوا أن ينزلوا المطر، هل استطاعوا أن يوجدوا شيئاً يأكلونه؟ ما استطاعوا.
" {أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ} من النبوة والرزق وغيرهما فيخصوا من شاؤوا بمن شاؤوا"؟، إذا كان عندهم الخزائن يخصوا، إذ معروف أن الذي عنده شيء من المال أو من الطعام يعطي هذا الجار، وقد لا يعطي هذا الجار وهذا مجرد قسمة، وإلا فالمعطي هو الله -جل وعلا- ((إنما أنا قاسم والله هو المعطي)) {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور]، يعني وإن كانت عنده خزينة وعنده مستودعات، لكن هي مال الله، ومع ذلك هو أؤتمن على هذا المال فلا يجوز له أن يصرفه إلا على مقتضى نظر الشرع، فيخصوا من شاؤوا بمن شاؤوا.
{أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} المتسلطون الجبارون، وفعله سيطر، ومثله بيطر وبيقر" مسيطر، مبيطر، مبيقر، مهيمن، مجيمر أو محيمر أو مخيمر هذا الكلمة ضبطت بالجيم والحاء والخاء، وقالوا: لا يوجد على صيغة مفعيل إلا هذه الكلمات الخمس.