{وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} [(10) سورة الطور] يقول: "تصير {هَبَاء مَّنثُورًا} [(23) سورة الفرقان] وذلك في يوم القيامة"، {وَتَسِيرُ} يعني "تصير هباء"، وَتَسِيرُ {الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} [(3) سورة التكوير]، {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل]، السير غير كونها هباء منثوراً، نعم {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} [(5) سورة القارعة] كالصوف المندوف تتفتت وتتطاير "تصير هباء منثوراً"، لكنها قبل ذلك تسير، يعني لها أحول منها: السير كما في قوله -جل وعلا-، {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [(88) سورة النمل] تشمي، {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} يعني تمشي، ويستدل بهذا أهل الهيئة ومن يقول بقولهم على دوران الأرض، إننا نظن أن الجبال جامدة وهي تمر مر السحاب تجري، تمشي، لكن الكلام على أنها إذا قالوا: إن الأرض تدور فأنت تدور معها فهي بالنسبة لك ثابتة في مكانها، وهذا ليس في الدنيا {تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} ليس في الدنيا هذا مثل هنا {تَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} إنما هو في القيامة قبل أن تكون هباء منثوراً، وقبل أن تكون {كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} يعني كالصوف المندوف المفتت، قبل ذلك {َتَسِيرُ} فليس فيه دلالة على ما يقولون؛ لأن الشيء إذا سرت معه فهو في مكانه بالنسبة لك، لكن لو قدر أنها تسير بمفردها، وأنت جالس في مكانك لعلمك بها أنها بجوارك، ثم إذا أصبحت إذا هي بعيدة عنك هذا سيرها، أما إذا كانت تسير مع غيرها فليست تسير هي ثابتة في مكانها، وإنما الذي يسير غيرها فليس فيه دلالة على ما أرادوا، ليس فيه دلالة على ما أرادوا، {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} يقول: "تصير هباء منثوراً وذلك في يوم القيامة"، وعرفنا أن السير غير كونها هباء، وغير كونها كالعهن المنفوش.