{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] الخشية المحمودة والإيمان المحمود، والعمل الصالح المحمود إنما هو في حال الغيب، لا في حال الشهادة، لا في حال الشهادة، يعني في حال الصحة، في حال الفراغ، في حال الشباب، في حال القوة، في حال النشاط، أما إذا أقبل الإنسان على آخرته في آخر عمره، وغلب على ظنه أنه ينتهي، هذا لا شك أنه ينفعه إيمانه، تنفعه صدقاته، تنفعه أعماله الصالحة ما لم يغرغر، لكن التعرف على الله في الرخاء قبل هذه الشدة لا شك أنه يعين على التعرف على الله في هذه الشدة، أما إذا انكشف الغطاء كما تقدم فلا فائدة.
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [(3) سورة البقرة] هذا محل المدح، هذا محل المدح، يعني لو قال لك شخص: إن العسل جاء، قلت: والله يا أخي ما أظنه. . . . . . . . . وما أشبه ذلك، فجاء تقول: والله يا أخي ما أظنه جاي، ثم ذهبت أنت وياه إلى السوق فرأيته بعينك قلت: صدقت، ينفعك هذا التصديق؟ ما ينفع هذا التصديق، خلاص رأيته بعينك، ما يحتاج إلى خبر.
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} [(33) سورة ق] "خافه ولم يره"، {وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [(33) سورة ق] وجاء بقلب منيب: "مقبل على طاعة الله -جل وعلا-" جاء بقلب منيب، وهو القلب السليم الذي لا ينفع من القلوب سواه، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88 - 89) سورة الشعراء] سالم سلامة تامة من شوائب الشرك، من شوائب البدع، من شوائب المعاصي، من شوائب الشبهات، من شوائب الشهوات، هذا القلب الذي ينفع، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [(88 - 89) سورة الشعراء] وهنا قال: {وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [(33) سورة ق] "مقبل على طاعته".