{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} [(31) سورة ق] أزلفت يعني: "قربت" الجنة {لِلْمُتَّقِينَ} جمع: متقي، والتقي هو فاعل الواجبات، مجتنب المحرمات، لا يترك واجباً ولا يرتكب محرماً إلا إذا غفلت نفسه وهفت في منكر بادرت للاستغفار منه والتوبة النصوح، فهذا وجوده مثل عدمه، وإلا فليس المتقي معناه المعصوم الذي لا يفعل المنكرات ولا يترك الواجبات، قد يترك واجباً ثم يعود إلى رشده ويعود ويستغفر ويتوب، ولذا قال بعد ذلك: {لِكُلِّ أَوَّابٍ} [(32) سورة ق] {لِلْمُتَّقِينَ} "مكاناً" {غَيْرَ بَعِيدٍ} [(31) سورة ق] أزلفت: قربت لهم؛ لئلا ينالهم في الذهاب إليها عناء ولا تعب ولا مشقة، "أزلفت: قربت لهم مكاناً (غير بعيد) منهم فيرونها، ويقال لهم: (هذا) المرئي -هذه الذي ترونه- ما توعدون، بالتاء والياء -توعدون ويوعدون- في الدنيا" يعني هذا الذي وعدناكم في الدنيا، هذا الذي جاءت به الرسل، هذه هي الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، "ويبدل من {لِلْمُتَّقِينَ} قوله: {لِكُلِّ أَوَّابٍ} [(32) سورة ق] " وأزلفت الجنة لكل أواب، بدلاً من للمتقين، فكل أواب بدل من المتقين، والمراد بالأواب الرجاع إلى طاعة الله تعالى، صيغة مبالغة، الأواب من الأوبة وهي الرجوع فيما إذا حصل منه غفلة أو هفوة أو زلة فإنه يبادر فيرجع، وكلما غفل رجع وتاب وأناب إلى الله -جل وعلا-، فاستحق المبالغة فقيل: {أَوَّابٍ} "رجاع إلى طاعة الله تعالى، {حَفِيظٍ} [(32) سورة ق] حافظ لحدود الله -جل وعلا-" حافظ لحدود الله، فلا يتعدى ولا يتجاوز فيرتكب المحرمات، {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [(187) سورة البقرة] {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [(229) سورة البقرة] لا يتجاوز ولا يقصر دونها، لا يقصر دون الواجبات، ولا يتجاوز إلى المحرمات، فهو حافظ لحدوده.