إلى ربه؛ كما قال سبحانه: " واسجد واقترب " [العلق: 7] , " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " (?) والله يقرب من عباده كيف شاء , ولهذا التحقيق: أنَّ القرب من الله قربٌ خاص , يعني ليس هناك قرب عام , فلا نقول: إن الله قريب من جميع العباد؛ كما نقول: إنه مع جميع العباد , الأظهر: أن القرب لم يأت إلا خاصًا كما في هذا الحديث وفي قوله: " إني قريب أجيب " الآية [البقرة: 186] فهو قريب من الداعين ومن العابدين , وأما قوله: " هرولة " جاءت في مقابل " أتاني يمشي " فقوله: " أتاني يمشي " لا تعني العبادة التي فيها المشي , هذه جاءت زيادة " تقرب إليَّ شبرًا " " تقرب إليَّ ذراعًا " " ومن أتاني يمشي " يعني معناه: أنه تقرب إلى الله أكثر وأكثر؛ وعندي أنه لا يختص بالعبادات التي تقتضي مشيًا؛ بل يعم , فالعبرة بسير القلوب.
" أتيته هرولة " يعني مِثْلا بمثل , كما أنه ازداد تقربه إلى ربه فالله - تعالى - يزيده يعني أن يَقْرُب منه , ولابد من مراعاة السياق , فلا يقال: إن معنى أنه هرولة إن الله يركض , لا , هذا جاء في سياق معين يدل على أنه تعالى يقرب منه أكثر وأكثر.
" من تقرب إلي شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " أقول: إن السلف من الصحابة والتابعين ما كان يشكل عليهم شيء من ذلك - ولله الحمد - , يعرفون دلالات الكلام ودلالات السياق ولا يتوهمون بهذه النصوص ما لا يليق به سبحانه , مثل " عبدي مرضت. . . عبدي جعت " (?) جاء الحديث مفسرًا " قال كيف أعودك وأنت رب العلمين؟! قال: مرض عبدي فلان فلو عدته لوجدتني عنده " فجعل مرض عبده مرضه , أضاف المرض إلى