نفسه , وفي هذا دلالة على عنايته - تعالى - بعبده الصالح وعلى فضيلته , فجعل مرضه مرضه وجعل جوعه جوعه , مفسرًا ذلك بأنك لو عدته لوجدتني عنده ولو أطعمته لوجدت ذلك عندي (?) , والله أعلم.
والأفعال الاختيارية هي التي تكون بمشيئته؛ كل فعل تقول: (إن الله يقول أو يفعل كذا إذا شاء) فهو فعل اختياري , وهي الصفات الفعلية , فالعلم لا يصح فيه أن تقول إن الله يعلم إذا شاء , أو إنه يكون حيًا إذا شاء , أو إن له يدًا إذا شاء , لكن تقول: إنه ينزل إذا شاء، واستوى على العرش حين شاء، ويتكلم إذا شاء إلى آخره.
وحديث: " عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا " (?) ليس هو الملل الذي هو السآمة , لكن نعلم أن الملل يدل على الكراهة , فالله - تعالى - يحب من عباده العمل الصالح إلا أن يشقوا على أنفسهم , فإذا شقوا على أنفسهم وكلَّفوا أنفسهم مالا يطيقون فإن الله يكره منهم ذلك , يكره العمل , فالملل من الشيء يتضمن كراهته , فالله - تعالى - يحب العمل الصالح من عباده ما لم يشقوا على أنفسهم , فإذا شقوا على أنفسهم وتسببوا في الملل من العمل , فإن الله يمل ولا يحب منهم ذلك العمل؛ بل يكره منهم ذلك العمل " اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا "، فإذا مَلَّ العبد فالله - تعالى - لا يحب عمله الذي يجهد به نفسه، ويشق به على نفسه، ويتجاوز فيه الحدود الشرعية , كإنسانٍ يقوم ويضع له حبلًا يتعلق فيه من أجل القيام؛ كما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا حبلٌ ممدود بين الساريتين، فقال: " ما هذا الحبل؟! " قالوا: هذا حبلٌ لزينب، فإذا فترت تعلقت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا، حُلُّوه؛ لِيُصَلِّ أحدكم نشاطه، فإذا فَتَرَ فليقعد " (?).