قال المصنف رحمه الله تعالى: [وينبغي أن يكون المؤذن أميناً صيتاً عالماً بالأوقات، ويستحب أن يؤذن قائماً متطهراً].
ينبغي أن يكون أميناً؛ لأنه يؤتمن على الأوقات، فالمؤذن هو الذي يعلن الوقت، والناس تبني على دخول الوقت أحكاماً، فإن كانوا صياماً أفطروا، لكن هب أنه أذن قبل الوقت فإنه سيتسبب في أن يفطر الناس خطأً، فلا بد أن يكون أميناً عالماً بالأوقات، فإن لم يكن عادلاً غرهم بأذانه في غير الوقت.
ويكون صيتاً؛ لأنه أبلغ في الإعلام بالمقصود بالأذان، قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن زيد: (ألقه على بلال؛ فإنه أندى صوتاً منك).
ويكون عالماً بالأوقات؛ ليتمكن من الأذان في أوائلها، وهنا
Q هل يجوز للأعمى أن يؤذن؟
و صلى الله عليه وسلم أنه يجوز إذا كان هناك من يخبره بدخول الوقت؛ لأن ابن أم مكتوم كان يؤذن، وكان أعمى، وكان له من يخبره بدخول الوقت، فإن لم يكن له من يخبره يتنحى عن النداء.
وقوله: (ويستحب أن يؤذن قائماً متطهراً) يعني: يؤذن وهو قائم وهو متطهر، وهذا على وجه الاستحباب، ويجوز أن يؤذن وهو على غير طهارة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويستحب أن يؤذن قائماً متطهراً على موضع عالٍ].
يعني: مكان مرتفع؛ حتى يصل الصوت إلى أبعد بقعة، أو أكثر عدداً، والآن المكبر أغنانا عن هذا؛ وهناك مسألة خلافية: هل يؤذن المؤذن بالمكبر فوق السطح أم من داخل المسجد لأن العلة هي الإعلان؟ الشيخ الألباني له رأي وجيه جداً حيث قال: لو أن التيار الكهربائي انقطع والمؤذن يؤذن فسيؤذن في الداخل، ولكن لو أذن في الخارج والمكبر في يده لفعل خيراً؛ لأنه إذا انقطع التيار سيراه الناس، وصوته سيصل إلى الكثير.
وهناك علة أخرى وهي أنه ربما يرى الأصم المؤذن بعينه ولا يسمعه بأذنه، فيعلم أن الصلاة قد دخلت، وهناك علل أخرى أوردها الشيخ الألباني رحمه الله لمشروعية النداء بالمكبر على سطح المسجد أو على بابه أو في أي مكان في الخارج.
فيستحب أن يؤذن قائماً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ بلال: (قم فأذن)؛ ولأنه أبلغ في الإسماع.
ويكون متطهراً، وأما حديث: (لا يؤذن إلا متوضئ) فروي مرفوعاً وموقوفاً عن أبي هريرة والموقوف أصح.
ويكون على موضع عال؛ لأنه أبلغ في الإعلان، وقد روي أن بلالاً كان يؤذن على سطح امرأة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [مستقبل القبلة] وهذا إجماع؛ لأن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون وهم مستقبلي القبلة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فإذا بلغ الحيعلة التفت يميناً وشمالاً ولا يزيل قدميه، ويجعل أصبعيه في أذنيه].
إذا بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح التفت يميناً في (حي على الصلاة) ويساراً في (حي على الفلاح) إن قال قائل: إن أذن في المكبر لا حاجة له بالالتفات؛ لأن الالتفات إنما هو ليسمع من على يمينه، ثم يسمع من على يساره، وقد حقق هذه المسألة ابن حجر في الفتح قائلاً: إنه أمر تعبدي، فلعل العلة أن يشهد الملائكة الذين على اليمين والذين على اليسار؛ فالعلة باقية، ولا يقول قائل: انتفت العلة بالمكبر فلا يلتفت، بل نقول: لا، إنما المشروع أن يلتفت حتى وإن أذن في المكبر.
وابن حجر العسقلاني في فتح الباري قد بحث هذه المسألة وأفاض فيها، فارجع إليه إن شئت.
ثم قال: (ولا يزيل قدميه) يعني: حينما يلتفت يميناً لا يحرك القدم وإنما يتحرك بصدره، ولا يزيل قدميه.
ويجعل أصبعيه في أذنيه، وكون المؤذن يجعل أصبعيه في أذنيه هذا أمر تعبدي أيضاً؛ لما روى أبو جحيفة قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم، وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يميناً وشمالاً، وهو يقول: حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح) متفق عليه، وفي لفظ: (ولم يستدر، وأصبعاه في أذنيه) يعني: كان بلال على هذه الهيئة التي علمه إياها النبي صلى الله عليه وسلم.
وينبغي أن يكون النداء خاضعاً لأحكام التلاوة، فلا يقل: الله أكبر، فيمدها حتى يثبت ثلاثين حرفاً، ولو قال: آكبار، خرج به عن معناه، أو يمط ويقول: حي على الصلآة، ويخفض ويرفع، فهل تغني يا عبد الله؟! هذا لا يجوز، فأكثر المد ست حركات.
حتى يكون الأذان شرعياً لابد أن تلتزم فيه الأحكام الشرعية.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويترسل في الأذان ويحدر الإقامة].
ومعنى يترسل في الأذان: أن يؤذن بطيئاً؛ لأن غرض الأذان هو إعلام من بخارج المسجد، فيترسل فيه حتى يفرق بين كل كلمتين، بحيث يكون هناك أكبر وقت للإعلام، أما في الإقامة فيحدر: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله سريعاً؛ لأن الإقامة لمن بداخل المسجد.
وهذا الموضوع أيضاً خلافي: هل نقيم في ال