قال المصنف رحمه الله تعالى: [والأذان خمس عشرة كلمة، لا ترجيع فيها، والإقامة إحدى عشرة كلمة].
وألفاظ الأذان هي: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فهذه خمس عشرة كلمة.
ثم قال: [والإقامة إحدى عشرة كلمة].
وألفاظ الإقامة هي: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
إذاً: الأذان خمس عشرة كلمة، والإقامة إحدى عشرة كلمة، وقد ذكرنا قبل ذلك حديث عبد الله بن زيد أنه قال: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به لجمع الناس للصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر قال: ثم استأخر عني غير بعيد، قال: ثم تقول إذا قمت للصلاة فذكر الإقامة مفرداً غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، مرتين، ثم لما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فيؤذن به؛ فإنه أندى صوتاً منك).
وفي هذا الحديث فوائد، منها: انشغال الصحابة بالأمر الشرعي، فـ عبد الله بن زيد انشغل في نومه بالأذان؛ لأنه نام وقضية الأذان تشغله وتؤرقه وتسيطر على فكره.
لذلك يروى أن شيخاً أراد أن يختبر تلميذه، فقال له: يا ولدي! هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومك؟ قال: لم أره ولا مرة، قال: إذاً: يا ولدي! حبك فيه ضعف، قال: كيف؟ قال: سأبرهن لك الآن على ذلك، وقدم له طعام العشاء، وجعل في طعام العشاء أنواعاً من الأكل الذي يحتاج إلى ماء، ثم قال له: الماء مقطوع، فنم إلى الصباح ثم تشرب إن شاء الله تعالى، فنام التلميذ عطشاناً، وفي الفجر قام التلميذ فقال له الشيخ: ماذا رأيت في المنام؟ قال: رأيت أنهاراً وأمطاراً وسحباً وأنا أشرب، قال: صدق عطشك فصدقت رؤياك، ولو صدقت محبتك لتعلق قلبك بالحبيب صلى الله عليه وسلم.
ولذلك يقول سيدنا أنس: ما من ليلة تمر علي بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأنا أراه في منامي.
وذلك لتعلق القلب؛ فالقلب يتعلق في النوم بما يحب، فالمدين يرى في نومه أنه يقضي دينه، وهكذا كل من كان يسيطر على ذهنه وقلبه شيء ينشغل به في منامه، وجرب أن تنشغل بشيء قبل نومك.
قال لي سائل: رأيت المسيح الدجال في نومي، فقلت له: متى آخر خطبة سمعتها عن الدجال؟ قال: الجمعة الماضية، قلت: كم كتاباً قرأت عن الدجال؟ قال: كنت أقرأ عنه في كتاب، فسيطر عليه الدجال فرآه في نومه؛ لأنه انشغل به، وجرب أن تنشغل بأمر يسيطر عليك فإنه لا بد أن تراه.
فذلك الصحابي الجليل انشغل بقضية الأذان وهو نائم، فرأى رجلاً في نومه معه ناقوس، فقال: يا عبد الله! أعطني الناقوس، فقال: وما تصنع به؟ قلت: نعلن به للصلاة، فقال: ألا أدلك على خير من ذلك؟ قلت: بلى، قال: قل: الله أكبر الله أكبر، وعلمه الأذان والإقامة، فقام عبد الله بن زيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره، وفي رواية أخرى: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها وافقت وحي عندي)، يعني: أن هذه الرؤيا وافقت وحياً عند رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم قال: (قم وعلمها بلالاً فإنه أندى منك صوتاً)، وفي الحديث أنه يؤذن صاحب الصوت الحسن، ولكن للأسف أن عندنا في مساجدنا بعض الناس يصر على الأذان والناس لا يدخلون المسجد لأجل هذا الصوت، فيا رجل! اتق الله وقرب من هو أندى منك صوتاً.