قال المصنف رحمه الله: [ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة].
هنا بدأ المصنف رحمه الله يتكلم عن البيوع المنهي عنها، والبيوع المنهي عنها تصل إلى الخمسين بل أكثر، وليست على سبيل الحصر، وكتاب العدة في الفقه الحنبلي للمبتدئين فقط، وهو لمحو الأمية في الفقه، وأنا لن أتوسع هنا، وإنما سنتوسع في المغني بعد ذلك، وفي فقه أكبر.
والملامسة هي: أنك إذا لمست السلعة وجب عليك الشراء بمجرد اللمس، وهي: أن يقول البائع للمشتري: أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا، أو يقول المشتري: أي ثوب ألمسه فهو لي بكذا.
فالعبرة هنا باللمس، وهو لا يدري أي الأثواب سيلمس، فأصبح بيع غرر وجهالة.
وأيضاً نهى عن بيع المنابذة.
قال المصنف رحمه الله: [لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في فساد هذين البيعين].
ونهي كذلك عن المزابنة، وهي بيع الثمرة على الأرض بالثمرة على الشجرة؛ لأنها ما دامت على الشجرة فإنها لم تستو، إذ لو استوت لسقطت على الأرض.
قال المصنف رحمه الله: [المنابذة أن يقول: أي ثوب نبذته إليّ فقد اشتريته، وفي البخاري: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة، وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلّبه أو ينظر إليه، ونهى عن الملامسة)].
فالمنابذة هي أن يقول البائع: أي ثوب نبذته إليك وجب عليك شراؤه قبل أن تعاينه أو تنظر إليه، وهذا معناه: أنه لا بد للمشتري أن يعاين قبل الشراء.
واليوم إذا ذهبت تشتري جلابية كبيرة فيعطيك البائع جلابية غيباً ويبيعها لك دون أن ترى حجمها، وهذا محرم، فلا بد من معاينتها، والاطلاع عليها، فإن كانت سليمة سألت عن الثمن ودفعته.
وإنما الذي يحدث اليوم هو العكس، فتجد الشخص يشتري ثوباً ولم يفتحه ولم يعاينه، ويذهب به إلى البيت بعد الشراء فإذا وجد في الثوب عيباً، عاد إلى البائع فيقول له: به عيب، فيقول: العيب حدث عندك أنت، ويحدث الخلاف.
وأما الإسلام فيريد من المشتري أن يعاين السلعة معاينة نافية للجهالة.
فالإسلام يعلمنا كيف نبيع وكيف نشتري، ولو أننا أقمنا الإسلام في حياتنا لما حدث خلاف بين البائع والمشتري.
فلا بد من تحديد الثمن قبل الانفصال، وتحديد مدة السداد إن كان البيع بالأجل، وسنتحدث عن البيع بالأجل وجوازه عند جمهور العلماء في دروس قادمة إن شاء الله.
فإذا قال لك البائع: خذ هذا الكتاب بثمن عشرين جنيهاً إلى أجل فقل له: إلى حين الميسرة، فإذا قابلك وقال: أين العشرون جنيهاً فقل له: قلت لك: إلى حين الميسرة، الميسرة لم تأت.
فلا بد أن يكون الشراء بثمن معلوم إلى أجل معلوم، وأما الفوضى التي نعيش فيها فليست من الشرع في شيء.