بهيمة الأنعام ثلاثة أنواع هي: الإبل، والبقر، والغنم.
لذلك في الأضحية يشترط أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، كما قال ربنا سبحانه: {مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:28]، {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج:36].
[وهي الإبل والغنم لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:95]، وليس المراد حقيقة المماثلة؛ فإنها لا تتحقق بين النعم والصيود، لكن أريد المماثلة من حيث الصورة والمشابهة من وجه، وكونه أقرب بهيمة الأنعام به شبهاً؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على وجوب المثل، فقال عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية: في النعامة بدنة].
وأقرب شبه للنعامة هي الجمل، فهذه المماثلة من حيث الشبه.
[وحكم أبو عبيدة وابن عباس في حمار الوحش بدنة، وحكم عمر وعلي في الظبي بشاة، وحكموا في الحمام بشاة، إلا الطائر فإن فيه قيمته في موضعه].
والمعنى: أن هذه التي اصطادها المحرم جعلنا لها مثل ما قتل من النعم يحكم به رجلان منا.
يقول السائل الكريم: الضبع لا يحل أكله، هل معنى ذلك أنه ليس فيه فدية؟ نحن نشترط في الصيد الذي يصطاده المحرم شروطاً: أن يكون مباحاً، أي: ليس محرماً، وإنما محرم أن تصطاده، وكذلك وحشي أي لا يؤلف، فإن تحقق هذان الشرطان جاز أن تصطاده.
ثانياً: أن بعض البلاد تأكل الضبع، وأنا أخبرت أن هناك بلاداً أكثر وجبة لها هي الضبع.
قال: [إلا الطائر فإن فيه قيمته في موضعه، وهذا هو الأصل في الضمان بدليل سائر المضمونات من الأموال، وتعتبر القيمة في موضع الإتلاف، كما لو أتلف مال آدمي قوم في موضع الإتلاف كذا هاهنا].
بمعنى الطائر إلا الحمامة، فلو أن محرماً اصطاد طائراً يقوّم بقيمته؛ لأنه ليس له مماثل في المعنى، فيقوم بالقيمة في موضع الإتلاف.
[إلا الحمامة ففيها شاة والنعامة فيها بدنة، لما سبق من قضاء الصحابة رضي الله عنهم.
ويتخير بين إخراج المثل وتقويمه بطعام، فيطعم كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً].
فهو هنا أيضاً بالخيار بين أن يقوّم بإخراج المثل، أو أن يقوم بطعام، فيطعم عن كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً.
[وعن أحمد أنها على الترتيب] أي أن إحدى الروايتين عن أحمد أنها على التخيير، والأخرى أنها على الترتيب، أي أنه لا ينتقل إلى الإطعام أو الصيام إلا إذا عجز عن المثل.
[فيجب المثل أولاً].
أولاً لو كان على الترتيب يجب المثل.
[فإن لم يجد أطعم، فإن لم يجد صام، روي نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن هدي المتعة على الترتيب وهذا آكد منه، فإنه يفعل محظوراً، وعنه: لا طعام في الكفارة، وإنما ذكر في الآية ليعدل به الصيام؛ لأن من قدر على الإطعام قدر على الذبح.
كذا قال ابن عباس، ودليل الرواية الأولى قوله سبحانه: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة:95]].
فكلمة ((أوْ)) هنا للتخيير، إذاً إما أن يلزم بالمثل أو بالإطعام، أو بالصيام عن كل مد يوماً.
[روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كل شيء أو فهو مخير، وأما ما كان فإن لم يجد فهو للأول الأول؛ ولأن هذه الفدية تجب بفعل محظور، فكان مخيراً بين ثلاثتها كفدية الأذى].
وهو الراجح أنه مخير بين واحدة من الثلاث.
ولأقرب لك المفهوم: لو أن محرماً اصطاد حمامة وجاء يقول لك: ما الحكم؟ تقول له: أنت مخير بين ثلاثة أشياء: 1 - أن تذبح شاة؛ لأن الصحابة قضوا في الحمامة بشاة.
2 - أو تطعم بقيمة الشاة فقراء.
3 - أو أن تصوم عن كل مد يوماً.
[فإذا اختار المثل ذبحه وتصدق به على مساكين الحرم؛ لأن الله سبحانه قال: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة:95]، وإن اختار الإطعام فإنه يقوم المثل بدراهم، والدراهم بالطعام، ويتصدق به على المساكين لكل مسكين مداً من البر كما يدفع إليهم كفارة اليمين، وإن اختار الصيام صام عن كل مد يوماً؛ لأنها كفارة دخلها الصيام والإطعام، فكان اليوم في مقابلة المد ككفارة الظهار، وعنه] يعني: رواية أخرى عن أحمد، والرأي الأول هو الراجح.
هل هناك من الأشياء التي يصطادها المحرم شيء لا مثل له في المعنى؟ نعم.
الجراد، فإنك لو نظرت إلى الجراد لتحقق فيه، فالجراد يؤكل للحديث: (أحل لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان فهما السمك والجراد، وأما الدمان فهما الكبد والطحال) وإن كان فيه ضعف، ولكن أنا أستأنس به هنا؛ لأنه في بعض البلدان الجراد يؤكل وكذلك الضبع يؤكل.
فهناك من الأشياء التي تصطاد ما لا مثل له كالجراد، فكيف أقومه؟ بقيمة، لا أ