قال: [والصيد ما جمع ثلاثة أشياء: أن يكون مباح الأكل، لا مالك له، ممتنعاً.
قال بعض أهل اللغة: فيخرج منه ما لا يحل أكله كسباع البهائم] أي: أنه إذا اصطاد فيصطاد للأكل أو الطعام، فالصيد الغير مباح لا يعتبر.
[والمستخبث من الحشرات] ولو أن محرماً اصطاد مثلاً صرصاراً، فنقول هذا مستخبث من الحيوانات ولا فدية عليه.
قال: [وما عليه ملك فما ليس بوحشي يباح للمحرم].
أي أنه أليف ويقتنى في البيوت، ولو أن محرماً اصطاد دجاجة، فالدجاج هنا تربى في البيوت فهي ليست وحشية، وإنما أليفة وتربى في البيت.
قال: [يباح للمحرم ذبحه وأكله كبهيمة الأنعام والخيل والدجاج] المحرم يذبح دجاجاً حتى وإن اصطاده [لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافاً، والاعتبار في ذلك بالأصل لا بالحال، فلو استأنس الوحشي وجب فيه الجزاء، ولو توحش الانسي لم يجب فيه جزاء؛ ولهذا وجب في الحمام اعتباراً بأصله].
فالأصل في الحمام أنه طائر لا يؤلف، ولكن الإنسان ألفه وأعد له مكاناً يعود إليه آخر النهار، والأصل فيه أنه طائر غير مألوف، فيلحق بأصله، فإن اصطاد المحرم حماماً يلزمه فدية؛ لأن الأصل في الحمام أنه وحشي، ولا يستلزم أن يكون مفترساً، وإنما هنا وحشي بمعنى أنه غير مألوف، فلو أن محرماً اصطاد ضباً، والضب قد ألفه صاحبه، فهنا أيضاً العبرة بالأصل لا بالتغير.
[والواجب في صيد البر دون صيد البحر؛ لقوله سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96] إذا ثبت هذا فجزاء الصيد مثله من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم؛ لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:95]].
لذلك الحمام والظبي قضي فيه بشاة، والنعامة قضي فيها ببدنة.
الشاهد: أنه إذا اصطاد المحرم صيداً يحرم عليه، فلا بد أن يحكم فيه ذوا عدل في المقابل، فإن اصطاد حماماً يلزمه شاة، وإن اصطاد ظبياً يلزمه شاة، وإن اصطاد نعامة يلزمه بدنة وهكذا.