قال رحمه الله: [والصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن شاء صام وإن شاء أفطر ولا قضاء عليه؛ لأنه مخير فيه قبل الشروع، فكان مخيراً بعده قياساً لما بعد الشروع على ما قبله، ولا يلزمه قضاؤه إذا أفطر لأنه غير واجب، (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: نعم أفطر، وإن قالوا: لا، قال: فإني صائم)]، وذلك قبل الظهيرة.
أي: أنه لم يبيت النية من الليل، وفي هذا جواز صيام التطوع دون تبييت النية بالليل؛ لأنه كان يأتي قبل الظهر، فيسأل أهله: هل عندكم طعام؟ فتقول عائشة: لا، فعدم تبييت النية نص مطلق، وهو قوله: هل عندكم طعام؟ فتقول: لا.
والمتطوع مخير قبل أن يصوم، فبعد أن يصوم هو أيضاً مخير، وليس هناك تطوع ينبغي أن يتمه المتطوع إلا نافلة الحج، ونافلة الصلاة إذا شرع فيهما فلا بد أن يتمهما، وماعدا ذلك فالمتطوع أمير نفسه، والدليل على ذلك حديث سلمان حينما زار أبا الدرداء فوجده صائماً، وأفطر أبو الدرداء في ذلك اليوم، وبوب البخاري على ذلك باباً فقال: يجوز للصائم المتطوع أن يفطر إذا نزل به ضيف، وهذا دون أدنى شك.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه: هل عندكم طعام؟ فقلن: لا، فقال: إني صائم، يدل على خلق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله.